قال «1» : ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من فى القبائل منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا معه. فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم. ومنع الله تبارك وتعالى، رسوله منهم بعمه أبى طالب، وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون فى بنى هاشم وبنى المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه، فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليهم، إلا ما كان من أبى لهب.
فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره من جدهم وحدبهم عليه جعل يمدحهم ويذكر قديمهم وفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ومكانه منهم ليشد لهم رأيهم وليحدبوا معه على أمره، فقال:
إذا اجتمعت يوما قريش لمخفر
... فعبد مناف سرها وصميمها «2»
فإن حصلت أشراف عبد منافها
... ففى هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوما فإن محمدا
... هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثها وسمينها
... علينا فلم تظفر وطاشت حلومها «3»
وكنا قديما لا نقر ظلامة
... إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها