القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفى يدها فهر «1» من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر، أين صاحبك؟ فقد بلغنى أنه يهجونى، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إنى لشاعرة، ثم قالت:
مذ مما عصينا
... وأمره أبينا
وعن غير ابن إسحاق: ودينه قلينا، ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ فقال: «ما أرتنى، لقد أخذ الله ببصرها عنى» «2» .
وكانت قريش إنما تسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما ثم يسبونه، فكان عليه السلام، يقول:
«ألا تعجبون لما صرف الله عنى من أذى قريش! يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد!» «3» .
وأمية بن خلف الجمحى، كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه، فأنزل الله فيه:
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الهمزة: 1 إلى آخر السورة «4» .
والعاص بن وائل السهمى، كان خباب بن الأرت، قد باع منه سيوفا عملها له وكان قينا بمكة، فجاءه يتقاضاه، فقال له: يا خباب، أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذى أنت على دينه أن فى الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب أو فضة أو ثياب أو خدم؟! قال: بلى.
قال: فأنظرنى إلى يوم القيامة يا خباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هنالك حقك، فو الله لا تكون أنت وأصحابك يا خباب آثر عند الله منى ولا أعظم حظا فى ذلك!.
فأنزل الله فى ذلك: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً مريم: 77، 80 «5» .