وذا الرحم القربى فلا تقطعنه
... لعاقبة ولا الأسير المقيدا
وسبح على حين العشيات والضحى
... ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا
ولا تسخرن من بائس ذى ضرارة
... ولا تحسبن المال للمرء مخلدا
قال ابن إسحاق «1» : وقد كان عدو الله أبو جهل مع عداوته رسول الله صلى الله عليه وسلم وبغضه إياه، يذله الله إذا رآه.
حدثنى «2» عبد الملك بن عبد الله بن أبى سفيان الثقفى، وكان واعية، قال: قدم رجل من إراش «3» بإبل له مكة، فابتاعها منه أبو جهل فمطله بأثمانها، فأقبل الإراشى حتى وقف على ناد من قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فى ناحية المسجد، فقال: يا معشر قريش، من رجل يؤدينى على أبى الحكم بن هشام، فإنى غريب ابن سبيل وقد غلبنى على حقى.
فقال له أهل ذلك المجلس: أترى ذلك الرجل؟ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يهزأون به لما يعلمون بينه وبين أبى جهل من العداوة، اذهب إليه فهو يؤديك عليه.
فأقبل الإراشى حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله، إن أبا الحكم بن هشام غلبنى على حق لى قبله وأنا غريب ابن سبيل، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤدينى عليه، يأخذ لى حقى منه، فأشاروا لى إليك فخذ لى حقى منه يرحمك الله.
قال: انطلق إليه. وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم:
اتبعه فانظر ما يصنع.
قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال: من هذا؟ فقال:
محمد. فاخرج إلى. فخرج إليه وما فى وجهه من رائحة، لقد انتقع لونه، فقال: أعط هذا حقه. قال نعم، لا يبرح حتى أعطيه الذى له.
فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه، فأقبل الإراشى حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاه الله خيرا، فقد والله أخذ لى حقى. وجاء الرجل الذى بعثوا معه فقالوا ويحك، ماذا رأيت؟ قال: عجبا من العجب! والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج