فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها دارا فى الجنة خيرا منها؟» قال: بلى. قال: «فذلك لك» .
فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة كلمة أبو أحمد فى دارهم، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الناس لأبى أحمد: يا أبا أحمد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن ترجعوا فى شىء أصيب منكم فى الله. فأمسك عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان بنو غنم بن ذودان أهل الإسلام قد أوعبوا إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونساءهم، فقال أبو أحمد بن جحش يذكر هجرة بنى أسد بن خزيمة من قومه إلى الله تبارك وتعالى وإلى رسوله، وإيعابهم فى ذلك حين دعوا إلى الهجرة:
ولو حلفت بين الصفا أم أحمد
... ومروتها بالله برت يمينها
لنحن الأولى كنا بها ثم لم نزل
... بمكة حتى عاد غثا سمينها
بها خيمت غنم بن ذودان وانبنت
... وما أرعدت غنم وخف قطينها
إلى الله تعدو بين مثنى وواحد
... ودين رسول الله بالحق دينها
وقال أبو أحمد أيضا:
ولما رأتنى أم أحمد غاديا
... بذمة من أخشى بغيب وأرهب
تقول فإما كنت لا بد فاعلا
... فيمم بنا البلدان ولتنأ يثرب
فقلت لها ما يثرب بمظنة
... وما يشأ الرحمن فالعبد يركب
إلى الله وجهى والرسول ومن يقم
... إلى الله يوما وجهه لا يخيب
فكم قد تركنا من حميم مناصح
... وناصحة تبكى بدمع وتندب
يرى أن وترا نأينا عن بلادنا
... ونحن نرى أن الرغائب نطلب «1»
دعوت بنى غنم لحقن دمائهم
... وللحق لما لاح للناس ملحب
أجابوا بحمد الله لما دعاهم
... إلى الحق داع والنجاح فأوعبوا
وكنا وأصحابا لنا فارقوا الهدى
... أعانوا علينا بالسلاح وأجلبوا «2»
كفوجين أما منهما فموفق
... على الحق مهدى وفوج معذب
طغوا وتمنوا كذبة وأزلهم
... عن الحق إبليس فخابوا وخيبوا