وأمه صلى الله عليه وسلم هى آمنة بنت وهب، بن عبد مناف، بن زهرة، بن كلاب «1» ، قسمية أبيه من هذا الأب، وكريمة قومها أولى المكان النبيه والحسب.
وحسبها من الشرف المتين والكرم المبين والفخر الممكن غاية التمكين، أن كانت أما لخاتم النبيين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين.
فكيف ولها من نصاعة الحسب المحسب، وعتاقة المنسب والمنصب، ما يقف عند البطاح، وتعترف له قريش البطاح.
فرسول الله صلوات الله وبركاته عليه، خيرة الخير من كلا طرفيه، وقد اعتنى الناس بنسبه الكريم نثرا ونظما، ونقبوا عن آبائه الأمجاد، وأمهاته الطاهرات الميلاد أبا فأبا وأما فأما.
فرادوا من ذلك الفخار حدائق غلبا، وسادوا من شرف تلك الآثار مراقى شمّا.
وقد تقدمت من ذلك نبذ منثورة أثناء الكلام، وستأتى إن شاء الله منظومة مع أشكالها، تفوق العقد فى النظام، فى قصيدة فريدة مفيدة، لأبى عبد الله بن أبى الخصال، خاتمة رؤساء الآداب، والعلماء المبرزين فى هذا الباب، سماها «معراج المناقب، ومنهاج الحسب الثاقب، فى ذكر نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزاته ومناقب أصحابه» ، قرأتها على شيخنا الخطيب أبى القاسم بن حبيش، عنه فقد رأيت أن أورد منها هنا ما يختص بهذا النسب الكريم على اختصار، يفى إن شاء الله بالغرض المروم، إذ الكلام المنظوم أعذب جريا على الألسان وأهذب رأيا فى الإفادة بالمستحسن.
وأولها:
إليك فهمى والفؤاد بيثرب
... وإن عاقنى عن مطلع الوحى مغربى
أعلل بالآمال نفسا أغرها
... بتقديم غاياتى وتأخير مذهبى
ودينى على الأيام زورة أحمد
... فهل ينقضى دينى ويقرب مطلبى
وهل أردن فضل الرسول بطيبة
... فيا برد أحشائى ويا طيب مشربى
وهل فضلت من مركب العمر فضلة
... تبلغنى أم لا بلاغ لمركب
ألا ليت زادى شربة من مياهها
... وهل مثلها ريا لغلة مذنب