رضى الله عنه يذكر فيه مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة الغار وأمر سراقة، وهو:
قال النبى ولم يجزع يوقرنى
... ونحن فى سدفة من ظلمة الغار
لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا
... وقد توكل لى منه بإظهار
وإنما كيد من تخشى بوادره
... كيد الشياطين كادته لكفار
والله مهلكهم طرا بما كسبوا
... وجاعل المنتهى منهم إلى النار
وأنت مرتحل عنهم وتاركهم
... إما غدوا وإما مدلج سارى
وهاجر أرضهم حتى يكون لنا
... قوم عليهم ذوو عز وأنصار
حتى إذا الليل وارتنا جوانبه
... وسد دون الذى نخشى بأستار
سار الأريقط يهدينا وأنيقه
... ينعين بالقرم نعيا تحت أكوار
يعسفن عرض الثنايا بعد أطولها
... وكل سهب رقاق الترب موار
حتى إذا قلت قد أنجدن عارضها
... من مدلج فارس فى منصب وار
يردى به مشرف الأقطار معتزم
... كالسيد ذى اللبدة المستأسد الضارى
فقال كروا فقلنا إن كرتنا
... من دونها لك نصر الخالق البارى
إن يخسف الأرض بالأحوى وفارسه
... فانظر إلى أربع فى الأرض غوار
فهيل لما رأى أرساغ مقربه
... قد سخن فى الأرض لم تحفر بمحفار
فقال هل لكم أن تطلقوا فرسى
... وتأخذوا موثقى فى نصح أسرار
وأصرف الحى عنكم إن لقيتهم
... وأن أعور منهم عين عوار
فادع الذى هو عنكم كف عدوتنا
... يطلق جوادى وأنتم خير أبرار
فقال قولا رسول الله مبتهلا
... يا رب إن كان منه غير إخفار
فنجه سالما من شر دعوتنا
... ومهر مطلقا من كلم آثار
فأظهر الله إذ يدعو حوافره
... وفاز فارسه من هول أخطار
وسراقة بن مالك هذا الذى أظهر الله فيه هذا العلم العظيم من أعلام نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قد أظهر الله فيه أثرا آخر من الآثار الشاهدة له عليه السلام بأن الله أطلعه من الغيب فى حياته ما ظهر مصداقه بعد وفاته.
روى سفيان بن عيينة، عن أبى موسى، عن الحسن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة بن مالك: «كيف بك إذا لبست سوارى كسرى؟!» «1» قال: فلما أتى عمر رضى الله عنه، بسوارى كسرى ومنطقته وتاجه دعا سراقة بن مالك فألبسه إياهما.