وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر: «من أحب أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل ابن الحارث» «1» ، وكان جسميا أدلم ثائر شعر الرأس أحمر العينين.
وذكر أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه يجلس إليك رجل أدلم «2» ثائر شعر الرأس أسفع الخدين «3» أحمر العينين كأنهما قدران من صفر كبده أغلظ من كبد الحمار، ينقل حديثك إلى المنافقين، فاحذره. وكان تلك صفة نبتل بن الحارث فيما يذكرون.
وعمرو بن خذام، وعبد الله بن نبتل، وحارثة بن عامر بن العطاف وابناه زيد ومجمع وهم ممن اتخذ مسجد الضرار. وكان مجمع، غلاما حدثا قد جمع من القرآن أكثره، وكان يصلى بهم فيه، فلما كان زمان عمر بن الخطاب كلم فى مجمع ليصلى بقومه بنى عمرو بن عوف فى مسجدهم، فقال: لا، أو ليس بإمام المنافقين فى مسجد الضرار!.
فقال له مجمع: يا أمير المؤمنين، والله الذى لا إله إلا هو ما علمت بشىء من أمرهم، ولكنى كنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا لا قرآن معهم، فقدمونى أصلى بهم وما أرى أمرهم إلا على أحسن ما ذكروا. فزعموا أن عمر رضى الله عنه، تركه فصلى بقومه «4» .
ومن الخزرج، ثم من بنى عوف: عبد الله بن أبى بن سلول، وكان رأس المنافقين وإليه يجتمعون. وهو الذى قال فى غزوة بنى المصطلق: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. وسيأتى ذكر ذلك مستوفى وبيان سببه عند الانتهاء إلى غزوة بنى المصطلق، إن شاء الله تعالى.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وسيد أهلها عبد الله بن أبى هذا، لا يختلف عليه فى شرفه من قومه اثنان، لم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين، حتى جاء الإسلام، ومعه فى الأوس رجل، هو فى قومه من الأوس شريف مطاع، أبو عامر عبد عمرو بن صيفى بن النعمان أحد بنى ضبيعة بن زيد، وهو أبو حنظلة الغسيل يوم أحد، وكان قد ترهب ولبس المسوح، فكان يقال له الراهب، فشقيا بشرفهما!.
أما عبد الله بن أبى فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ويملكوه عليهم، فجاءهم