فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجل، فمن كذب يفعل الله ذلك به» «1» .
فكان هو ذلك عدو الله، خرج إلى مكة ببضعة عشر رجلا مفارقا للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: الراهب، ولكن قولوا الفاسق» «2» . فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج إلى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام فمات بها طريدا غريبا وحيدا!.
قال ابن إسحاق «3» : وكان ممن تعوذ بالإسلام ودخل فيه مع المسلمين وأظهره وهو منافق من أحبار يهود، من بنى قينقاع: سعد بن حنيف، ونعمان بن أوفى، وعثمان بن أوفى، وزيد بن اللصيت، وهو الذى قال حين ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم: يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدرى أين ناقته! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودل على ناقته وجاءه الخبر بما قال عدو الله فى رحله: «إن قائلا قال: يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدرى أين ناقته، وإنى والله ما أعلم إلا ما علمنى الله، وقد دلنى الله عليها فهى فى هذا الشعب قد حبستها شجرة بزمامها» . فذهب رجال من المسلمين فوجدوها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما وصف «4» .
وكان هؤلاء المنافقون المسلمون وغيرهم ممن لم يسم يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين ويسخرون منهم ويستهزئون بدينهم.
فاجتمع يوما فى المسجد منهم ناس فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون بينهم خافضى أصواتهم قد لصق بعضهم ببعض، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا.
فقام أبو أيوب خالد بن زيد إلى عمرو بن قيس أحد بنى غنم بن مالك بن النجار، وكان صاحب آلهتهم فى الجاهلية، فأخذ برجله فسحبه حتى أخرجه من المسجد، وهو يقول: أتخرجنى يا أبا أيوب من مربد بنى ثعلبة!.
ثم أقبل أبو أيوب أيضا، إلى رافع بن وديعة أحد بنى النجار فلببه بردائه ثم نتره نترا شديدا ثم لطم وجهه وأخرجه من المسجد وهو يقول: أف لك منافقا خبيثا، أدراجك يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.