العاص وفارقها، ولم يكن دخل بها، فأخرجها الله من يده كرامة لها وهوانا له. وخلف عليها عثمان بن عفان بعده.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم، مغلوبا على أمره، وكان الإسلام قد فرق بين زينب ابنته وبين أبى العاص، إلا أنه كان لا يقدر أن يفرق بينهما، فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما سارت قريش إلى بدر سار فيهم أبو العاص فأصيب فى الأسارى، فكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بعث أهل مكة فى فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى فداء أبى العاص بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبى العاص حين بنى بها، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذى لها فافعلوا» «1» قالوا: نعم يا رسول الله. فأطلقوه وردوا عليها مالها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلى سبيل زينب إليه، أو وعده أبو العاص بذلك، أو شرطه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى إطلاقه، ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم ما هو.
إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلى سبيله، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانه زيد بن حارثة، ورجلا من الأنصار، فقال: كونا ببطن يأجح حتى تمر بكما زينب فتصحباها، حتى تأتيانى بها. فخرجا وذلك بعد بدر بشهر أو سبعة، فلما قدم أبو العباس مكة أمرها باللحوق بأبيها، فخرجت تتجهز.
قالت زينب: بينا أنا أتجهز بمكة لقيتنى هند ابنة عتبة، فقالت: يا ابنة محمد ألم يبلغنى أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ قالت: ما أردت ذلك. قالت: أى ابنة عم لا تفعلى، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك فى سفرك أو بمال تتبلغين به إلى أبيك، فإن عندى حاجتك، فلا تضطنى منى فإنه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال. قالت زينب:
فو الله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، ولكنى خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك، وتجهزت.