إنى نذير لأهل البسل ضاحية
... لكل ذى إربة منهم ومعقول
من جيش أحمد لا وخشا قنابلة
... وليس يوصف ما أنذرت بالقيل
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه.
ومر به ركب من عبد القيس فقال: أبن تريدون؟ قالوا: نريد المدينة، قال: ولم؟
قالوا: نريد الميرة. قال: فهل أنتم مبلغون عنى محمدا رسالة أرسلكم بها إليه وأحمل لكم بهذه غدا زبيبا بعكاظ إذا ما أتيتموها؟ قالوا: نعم. قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم. فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بحمراء الأسد فأخبروه بالذى قال أبو سفيان وأصحابه فقالوا: «حسبنا الله ونعم الوكيل» «1» .
ويقال: إنهم لما هموا بالرجعة إلى المدينة ليستأصلوا- كما زعموا- بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم صفوان بن أمية: لا تفعلوا فإن القوم قد حربوا وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الذى كان، فارجعوا. فرجعوا.
فقال النبى صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد حين بلغه أنهم هموا بالرجعة: «والذى نفسى بيده لقد سومت «2» لهم حجارة لو صبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب» «3» .
وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجهه قبل رجوعه إلى المدينة معاوية بن المغيرة بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس جد عبد الملك بن مروان أبا أمه وأبا عزة الجمحى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره ببدر ثم من عليه، وقد تقدم ذكر ذلك وذكر مقتله إياه فى هذه الأخذة الثانية صدر غزوة أحد، ولجأ معاوية بن المغيرة إلى عثمان بن عفان فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه على أنه إن وجد بعد ثلاث قتل، فأقام بعدها وتوارى. فبعث النبى زيد بن حارثة وعمار بن ياسر وقال: «إنكما ستجدانه بموضع كذا» «4» . فوجداه فقاتلاه.