جبل ابن جوال الثعلبى:
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه
... ولكنه من يخذل الله يخذل
لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها
... وقلقل يبغى العز كل مقلقل «1»
بل ابتغى عدو الله ذل الأبد فوجده، وجاهد الله فجهده، فأصبح برأيه القائل وسعيه الخاسر من الذين لهم خزى فى الدينا ولهم فى الآخرة عذاب النار.
وقتل من نساء بنى قريظة امرأة واحدة لم يقتل من نسائهم غيرها، قالت عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها: والله إنها لعندى تحدث معى وتضحك ظهرا وبطنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالها فى السوق إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة قالت: أنا والله، قلت لها: ويلك مالك؟ قالت: أقتل. قلت: ولم؟ قالت: لحدث أحدثته. فانطلق بها فضربت عنقها. فكانت عائشة تقول: والله لا أنسى عجبا منها، طيب نفسها وكثرة ضحكها وقد علمت أنها تقتل.
قال ابن هشام «2» : هى التى طرحت الرحا على خلاد بن سويد فقتلته.
وكان الزبير بن باطا القرظى قد من على ثابت قيس بن شماس فى الجاهلية، أخذه يوم بعاث فجز ناصيته ثم خلى سبيله. فجاءه ثابت لما قتل بنو قريظة وهو شيخ كبير فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل تعرفنى؟ قال: وهل يجهل مثلى مثلك. قال: فإنى أردت أن أجزيك بيدك عندى. قال: إن الكريم يجزى الكريم. ثم أتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله، إنه كان للزبير على منة وقد أحببت أن أجزيه بها فهب لى دمه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو لك» «3» . فأتاه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وهب لى دمك فهو لك، قال: شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة؟ فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبى أنت وأمى يا رسول الله امرأته وولده. قال: «هم لك» . فأتاه فقال: قد وهب لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلك وولدك فهم لك. قال: أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك؟ فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ماله. قال: هو لك.
فأتاه ثابت فقال: قد أعطانى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك فهو لك، فقال: أى ثابت ما فعل الذى كان وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحى، كعب بن أسد؟ قال: قتل. قال: