فحفرا عن ربض البيت يعنى حوله، فوجدا صخرة لا يطيقها إلا ثلاثون رجلا، وحفرا حتى بلغا أساس آدم ثم بنى عليه، وحلقت السكينة كأنها سحابة، على موضع البيت، فقالت: ابن علىّ.
فلذلك لا يطوف بالبيت أحد أبدا، كافر ولا جبار، إلا رأيت عليه السكينة.
فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت، فجعل طوله فى السماء تسع أذرع، وعرضه ثلاثين ذراعا، وطوله فى الأرض اثنين وعشرين ذراعا، وأدخل الحجر وهو سبعة أذرع فى البيت، وكان قبل ذلك زربا لغنم إسماعيل.
وإنما بناه بحجارة بعضها على بعض، ولم يجعل له سقفا، وجعل له بابا وحفر له بئرا عند بابه خزانة للبيت، يلقى فيها ما أهدى للبيت وجعل الركن علما للناس.
فذهب إسماعيل إلى الوادى يطلب حجرا، ونزل جبريل بالحجر الأسود، وكان قد رفع إلى السماء حين غرقت الأرض، كما رفع البيت، فنزل به جبريل فوضعه إبراهيم موضع الركن، وجاء إسماعيل بالحجر من الوادى فوجد إبراهيم قد وضع الحجر، فقال:
من أين هذا؟ من جاءك به؟ قال إبراهيم: من لم يكلنى إليك ولا إلى حجرك «1» .
وعن الواقدى أيضا من غير حديث أبى الجهم، أن يزيد بن رومان، قال: سمعت ابن الزبير يقول: إن إبراهيم عليه السلام ابتغى الحجر، فناداه من فوق أبى قبيس: ألا أنا هذا.
فرقى إليه إبراهيم فأخذه، فوضعه موضعه الذى هو فيه اليوم.
وكان الله جل ثناؤه لما غرقت الأرض استودع أبا قبيس الركن، وقال: إذا رأيت خليلى يا بنى لى بيتا فأعطه الركن فأعطاه الركن.
وعن غير ابن الزبير أن أبا قبيس لذلك كان يسمى فى الجاهلية الأمين، لوفائه بما استودعه الله إياه.