لنبى، أذهب والله فأسلم، حتى متى؟! قلت: والله ما جئت إلا لأسلم.
فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت: يا رسول الله، إنى أبايعك على أن يغفر لى ما تقدم من ذنبى ولا أذكر ما تأخر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمرو بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها» «1» ، قال: فبايعته وانصرفت.
وذكر ابن إسحاق عمن لا يتهم أن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة أخا بنى عبد الدار كان معهما أسلم حين أسلما.
وذكر غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رآهم: «رمتكم مكة بأفلاذ كبدها» .
وحدث الواقدى بإسناد له قال: قال عثمان بن طلحة: لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة فدعانى إلى الإسلام فقلت: يا محمد، العجب لك حين تطمع أن أتبعك وقد خالفت قومك وجئت بدين محدث ففرقت جماعتهم وألفتهم وأذهبت بهاءهم.
فانصرف، وكنا نفتح الكعبة فى الجاهلية يوم الاثنين والخميس، فأقبل يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس، فغلظت عليه ونلت منه وحلم عنى ثم قال: يا عثمان، لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدى أضعه حيث شئت.
فقلت: لقد هلكت قريش- يومئذ- وذلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل عمرت وعزت يومئذ» . ودخل الكعبة فوقعت كلمته منى موقعا ظننت أن الأمر سيصير إلى ما قال: فأردت الإسلام، فإذا قومى يزبروننى زبرا شديدا ويزرون برأيى، فأمسكت عن ذكره. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جعلت قريش تشفق من رجوعه عليها، فهم على ما هم عليه حتى جاء النفير إلى بدر، فخرجت فيمن خرج من قومنا وشهدت المشاهد كلها معهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام القضية غير الله قلبى عما كان عليه ودخلنى الإسلام وجعلت أفكر فيما نحن عليه وما نعبد من حجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر، وأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وظلف أنفسهم عن الدنيا فيقع ذلك منى فأقول: ما عمل القوم إلا على الثواب لما يكون بعد الموت.