كان قتل قبل إسلامه ثلاثة عشر رجلا من ثقيف فتهايج الحيان من ثقيف بنو مالك رهط المقتولين والأحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية وأصلح ذلك الأمر.
وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بنحو مما كلم به أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا حربا فقام من عنده وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شىء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال:
يا معشر قريش، إنى قد جئت كسرى فى ملكة وقيصر فى ملكه والنجاشى فى ملكه، وإنى والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى أصابه! ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشىء أبدا فروا رأيكم.
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية الخزاعى «1» فحمله على بعير له وبعثه إلى قريش ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له، فعقروا به الجمل وأرادوا قتله فمنعته الاحابيش، فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعثت قريش أربعين رجلا أو خمسين وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا، فأخذوا أخذا، فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلى سبيلهم.
ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال: يا رسول الله، إنى أخاف قريشا على نفسى، وليس بمكة من بنى عدى بن كعب أحد يمنعنى، وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلظتى عليها، ولكنى أدلك على رجل أعز بها منى: عثمان بن عفان.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان فبعثه إلى أبى سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته؛ فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها فحمله بين يديه ثم أجاره.
وقال له فيما ذكره غير ابن إسحاق: أقبل وأدبر ولا تخف أحدا بنو سعيد أعزة الحرم.
فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا له حين فرغ: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف. قال: ما كنت لأفعل