وعاش إسماعيل عليه السلام بعد أبيه ما عاش، وتوفى بمكة، فدفن داخل الحجر، مما يلى باب الكعبة، وهنالك قبر أمه هاجر، ودفن معها وكانت توفيت قبله.
ولما توفى إسماعيل عليه السلام، ولى البيت بعده ابنه نابت، ولم يله أحد من ولده غيره. ثم مات فدفن فى الحجر مع أمه رعلة بنت مضاض.
فولى البيت بعده جده مضاض بن عمرو، ثم أخواله من جرهم، وقاموا عليه، فكانوا هم ولاته وحجابه وولاة الأحكام بمكة.
وكان البيت قد دخله السيل من أعلى مكة فانهدم، فأعادته جرهم على بناء إبراهيم، وجعلت له مصراعين وقفلا.
قال ابن إسحاق: ثم إن جرهما وقطوراء بغى بعضهم على بعض وتنافسوا الملك بها، ومع مضاض يومئذ إسماعيل وبنو نابت وإليه ولاية البيت دون السميدع. فسار بعضهم إلى بعض، فخرج مضاض من قعيقعان فى كتيبته سائرا إلى السميدع، ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب يقعقع بذلك معه.
فيقال: ما سمى قعيقعان قعيقعان إلا لذلك. وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال. فيقال: ما سمى أجياد أجيادا إلا لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه «1» .
وغير ابن إسحاق يقول: إنما سمى أجياد لأن مضاضا ضرب فى ذلك الموضع أجياد مائة رجل من العمالقة. وقيل: بل أمر بعض الملوك غير مسمى بضرب رقاب فيه، فكان يقول لسيافه: توسط الأجياد. وهذا ونحوه أصح فى تسمية الموضع بأجياد، مما قال ابن إسحاق.
قال: فالتقوا بفاضح «2» ، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل السميدع وفضحت قطوراء.
فيقال: ما سمى فاضح فاضحا إلا بذلك.