فإن تنثنى الدنيا علينا بحالها
... فإن لها حالا وفيها التشاجر
فأخرجنا منها المليك بقدرة
... كذلك يا للناس تجرى المقادر
أقول إذا نام الخلى ولم أنم
... إذا العرش لا يبعد سهيل وعامر
وبدلت منها أو جها لا أحبها
... قبائل منها حمير ويحابر
وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة
... بذلك عضتنا السنون الغوابر
فسحت دموع العين تبكى لبلدة
... بها حرم أمن وفيها المشاعر
وتبكى لبيت ليس يؤذى حمامه
... يظل به أمنا وفيه العصافر
وفيه وحوش لا ترام أنيسة
... إذا خرجت منه فليست تغادر
وقال عمرو بن الحارث أيضا يذكر بكرا وغبشان وساكنى مكة الذين خلفوا فيما بعدهم:
يا أيها الناس سيروا إن قصركم
... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا
حثوا المطى وأرخوا من أزمتها
... قبل الممات وقضوا ما تقضونا
كنا أناسا كما كنتم فغيرنا
... دهر فأنتم كما كنا تكونونا
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها، وحدثنى بعض أهل العلم بالشعر أن هذه الأبيات أول شعر قيل فى العرب، وأنها وجدت مكتوبة فى حجر باليمن ولم يسم لنا قائلها «1» .
ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بنى بكر بن عبد مناة.
وغبشان لقب، واسمه الحارث، وخزاعة يقال: إنهم من ولد قمعة بن إلياس بن مضر، وأن أباهم عمرو بن لحى، هو عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف، وخزاعة يأبون هذا النسب، ويقولون: إنهم من ولد كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن غسان.
وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أريت عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف يجر قصبه فى النار، فسألته عمن بينى وبينه من الأمم، فقال: هلكوا» «2» .