فترافقا، حتى إذا دنوا من تبوك قال أبو خيثمة لعمير: إن لى ذنبا فلا عليك أن تخلف عنى حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا خيثمة» . قالوا: هو والله أبو خيثمة يا رسول الله، فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أولى لك يا أبا خيثمة!» ثم أخبره خبره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير «1» . ويروى أن أبا خيثمة! قال فى ذلك «2» :
ولما رأيت الناس فى الدين نافقوا
... أتيت التى كانت أعف وأكرما
وبايعت باليمنى يدى لمحمد
... فلم أكتسب إثما ولم أغش محرما
تركت خضيبا فى العريش وصرمة
... صفايا كراما بسرها قد تحمما
وكنت إذا شك المنافق أسمحت
... إلى الدين نفسى شطره حيث يميما
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر نزلها واستقى الناس من بئرها فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا من مائها ولا يتوضأ منه للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له» .
ففعل الناس ما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن رجلين من بنى ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر فى طلب بعير له، فأما الذى ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه، وأما الذى ذهب فى طلب بعيره فاحتمله الريح حتى طرحته بجبلى طىء، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألم أنهكم أن يخرج أحد منكم إلا ومعه صاحبه؟ ثم دعا للذى أصيب على مذهبه فشفى، وأما الذى وقع بجبلى طىء، فإن طيئا أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة «3» .
ولما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر سجى ثوبه على وجهه، واستحث راحلته ثم قال: «لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون خوفا أن يصيبكم ما أصابهم» «4» .
فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا فأرسل الله سبحانه سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء. قال محمود بن لبيد «5» :