ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على ناقته فجعل يقول وهو آخذ بحقها: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله عز وجل فيهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ التوبة: 65 ، وقال مخشن بن حمير: يا رسول الله قعد بى اسمى واسم أبى.
فكان الذى عفى عنه فى هذه الآية مخشن بن حمير فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتله شهيدا لا يعلم مكانه، فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر «1» .
ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك اتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الجزية. وأتاه أهل جرباء «2» وأذرح «3» فأعطوا الجزية، وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فهو عندهم فكتب ليحنّة بن رؤبة «4» : «بسم الله الرحمن الرحيم، هذه أمنة من الله ومحمد النبى رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم فى البر والبحر، لهم ذمة الله ومحمد النبى ومن كان منهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وأنه طيبة لمن أخذه من الناس، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يردونه من بر أو بحر «5» .
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة وهو أكيدر ابن عبد الملك رجل من كندة كان ملكا عليها وكان نصرانيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد:
«إنك ستجده يصيد البقر» . فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفى ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله، قالت: فمن يترك هذه؟ قال: لا أحد، فنزل فأمر بفرسه، فأسرج له، وركب معه نفر من أهل بيته، فيهم أخ له يقال له:
حسان، فركب وخرجوا معه بمطاردهم، فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته، وقتلوا أخاه، وكان عليه قباء ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتعجبون من هذا؟ فو الذى نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ فى