فقام حسان بن ثابت فأجابه، فقال:
هل المجد إلا السؤدد العود والندى
... وجاه الملوك واحتمال العظائم
نصرنا وآوينا النبى محمدا
... على أنف راض من معد وراغم
بحى حريد أصله وثراؤه
... بجابية الجولان وسط الأعاجم
نصرناه لما حل وسط ديارنا
... بأسيافنا من كل باغ وظالم
جعلنا بنينا دونه وبناتنا
... وطبنا له نفسا بفىء المغانم
ونحن ضربنا الناس حتى تتابعوا
... على دينه بالمرهقات الصوارم
ونحن ولدنا من قريش عظميها
... ولدنا نبى الخير من آل هاشم
بنى دارم لا تفخروا إن فخركم
... يعود وبالا عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتم
... لنا خول ما بين ظئر وخادم
فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم
... وأموالكم ان تقسموا فى المقاسم
فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا
... ولا تلبسوا زيّا كزىّ الأعاجم
قال ابن إسحاق: فلما فرغ حسان من قوله، قال الأقرع بن حابس: وأبى، إن هذا الرجل لمؤتى له، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا. فلما فرغ القوم أسلموا، وجوزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم.
وكان عمرو بن الأهتم قد خلفه القوم فى ظهرهم، وكان أصغرهم سنا، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطى القوم.
وقيس بن عاصم هو الذى ذكره له ذكرا أزرى به فيه، فكان بينهما ما هو معلوم.
وفد بنى عامر «1»
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى عامر، فيهم بن الطفيل وأربد بن قيس وجبار بن سلمى، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم.
فقدم عامر بن الطفيل عدو الله، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم، قال: والله لقد كنت آليت أن لا أنتهى حتى تتبع العرب عقبى، فأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش! ثم قال لأربد: إذا قدمنا