فلو كنت يوما شاهدا لوفاته
... لمست ترابا من ضريحته يدى
بإذن يراه أهله ومكيده
... أسود بها ما عشت يومى وفى غد
كما نالها منه المغيرة خدعة
... وما أنا دون الطائفى الجفيدد
يريد: المغيرة بن شعبة الثقفى، وكان يدعى أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: أخذت خاتمى فألقيته فى القبر، وقلت: إن خاتمى سقط منى، وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أحدث الناس عهدا به صلى الله عليه وسلم.
وكان على بن أبى طالب رضى الله عنه ينكر ذلك من قول المغيرة ويأباه، ويقول:
أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس.
وذكر وثيمة بن موسى أن عبد الله بن أنيس الجهنى «1» كان غائبا ببعض ضواحى المدينة، فلما انتهى إليه الخبر بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلمت عليه الأرض، ثم قال: والله، لو أن ميتا رده قتل حى نفسه لقتلت نفسى، ولكن أفرغ إلى أمر الله، إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم سأل الذى أخبره: هل استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا بعينه؟ قال: لا والله.
قال: الله اكبر، لو استخلفه هلكنا بمعصية. فهل اجتمع الناس على رجل؟ قال: أمر نبى الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلى بالناس. قال: هى إعلام الإمامة، وليس كل من صلى بإمام. ما فعل على؟ قال: هو فى بيته. قال: لا يريدها يا ابن أخى، لها ثلاثة من قريش: على وأبو بكر وعمر، من ادعى منازلهم قصر دونهم. ما صنعت الأنصار؟ قال: اعتزلت، قال:
كلا، طائف من الشيطان، لم يكن الله ليخذلهم مع ما سبق لهم، بت عندى الليلة فإنى عليل ولا أرانى إلا لما بى من هذه الصدمة، ولكن أبلغ عنى قريشا، فقال:
نفا النوم ما لا تبتغيه الأصابع
... وخطب جليل للبلية جامع
غداة نعى الناعى إلينا محمدا
... وتلك التى تستك منها المسامع
فلو رد نفسا قتل نفس قتلتها
... ولكنه لا يدفع الموت دافع
فآليت لا أبكى على هلك هالك
... من الناس ما أؤسى ثبير وفارغ