قالوا: بلى، ولكن قد حدث ما ترى، وقد ترى ما صنع الناس. قال: والذى نفس عدى بيده، لا أخيس بها أبدا، ولو كنت جعلتها لرجل من الزنج، لوفيت له بها، فإن أبيتم لأقاتلنكم، يعنى على ما فى يده وما فى أيديهم، فليكونن أول قتيل يقتل على وفاء ذمته عدى بن حاتم، أو يسلمها، فلا تطمعوا أن يسب حاتما فى قبره عدى ابنه من بعده، فلا يدعونكم عذر عاذر إلى أن تعذروا، فإن للشيطان قادة عند موت كل نبى، يستخف لها أهل الجهل حتى يحملهم على قلائص الفتنة، وإنما هى عجاجة لا ثبات لها، ولا ثبات فيها، إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خليفة من بعده يلى هذا الأمر، وإن لدين الله أقواما سينهضون ويقومون به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قاموا بعهده وذو بيته فى السماء، لئن فعلتم ليقارعنكم على أموالكم ونسائكم بعد قتل عدى وغدركم، فأى قوم أنتم عند ذلك، فلما رأوا منه الجد، كفوا عنه، وسلموا له.
ويروى أن مما قال له قومه: أمسك فى يدك، فإنك إن تفعل تسد الحليفين، يعنون طيئا وأسدا.
فقال: ما كنت لأفعل حتى أدفعها إلى أبى بكر، فجاء بها حتى دفعها إليه، فلما كان زمن عمر بن الخطاب، رأى من عمر رحمه الله، جفوة، فقال له عدى: ما أراك تعرفنى؟
قال عمر: بلى، والله، والله يعرفك من السماء، أعرفك والله: أسلمت إذ كفروا، ووفيت إذ غدروا، وأقبلت إذ أدبروا، بلى، وايم الله أعرفك.
وقدم أيضا الزبرقان بن بدر بصدقات قومه على أبى بكر، فلم يزل لعدى والزبرقان بذلك شرف وفضل على من سواهما.
وأعطى أبو بكر عديا ثلاثين بعيرا من إبل الصدقة، وذلك أن عديا لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نصرانيا فأسلم وأراد الرجوع إلى بلاده أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعتذر من الزاد ويقول: «والله، ما أصبح عند آل محمد شقة من الطعام، ولكن ترجع ويكون خير» ، فلذلك أعطاه أبو بكر تلك الفرائض.
ولما كان من العرب ما كان من التوائهم عن الدين ومنع من منع منهم الصدقة جد بأبى بكر الجد فى قتالهم، وأراه الله رشده فيهم، وعزم على الخروج بنفسه إليهم، وأمر الناس بالجهاز، وخرج هو فى مائة من المهاجرين، وقيل: فى مائة من المهاجرين والأنصار، وخالد بن الوليد يحمل اللواء، حتى نزل بقعاء، وهو ذو القصة «1» ، يريد أبو