يهزمكم؟ فقال له رجل منهم: أنا أخبرك أنه ليس منا رجل إلا وهو يحب أن صاحبه يموت قبله، وأنا نلقى قوما كلهم يحب أن يموت قبل صاحبه.
وذكر ابن إسحاق أن طليحة لما ولى هاربا تبعه عكاشة بن محصن، وثابت بن أقرم، وقد كان طليحة أعطى الله عهدا أن لا يسأله أحد النزول إلا فعل، فلما أدبر ناداه عكاشة: يا طليحة، فعطف عليه، فقتل عكاشة، ثم أدركه ثابت، فقتله أيضا طليحة، ثم لحق بالشام. وقال طليحة يذكر قتله إياهما:
زعمتم بأن القوم لن يقتلوكم
... أليسوا وإن لم يسلموا برجال
عدلت لهم صدر الحمالة إنها
... معودة قيل الكماة نزال
فيوما تفى بالمشرفية خدها
... ويوما تراها فى ظلال عوال
ويوما تراها فى الجلال مصونة
... ويوما تراها غير ذات جلال
عشية غادرت ابن أقرم ثاويا
... وعكاشة الغنمى عند مجال
فإن يك أذواد أصبن ونسوة
... فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال
وقد قيل فى قتلها غير هذا، وهو ما ذكره الواقدى عن عميلة الفزارى، وكان عالما بردتهم: أن خالد بن الوليد كان لما دنا من القوم بعث عكاشة وثابتا طليعة أمامه، وكانا فارسين، فلقيهما طليحة وأخاه مسيلمة ابنى خويلد، طليعة لمن وراءهما من الناس، وخلفوا عسكرهم من ورائهم، فلما التقوا، انفرد طليحة بعكاشة، ومسلمة بثابت، فلم يلبث مسلمة أن قتل ثابتا، وصرخ طليحة بمسلمة: أعنى على الرجل فإنه قاتلى، فكر معه على عكاشة، فقاتلاه رحمه الله، ثم كرا راجعين إلى من وراءهما، وأقبل خالد معه المسلمون، فلم يرعهم إلا ثابت بن أقرم قتيلا تطؤه المطى، فعظم ذلك على المسلمين، ثم لم يسيروا إلا يسيرا حتى وطئوا عكاشة قتيلا، فثقل على المطى، كما وصف واصفهم، حتى ما تكاد المطى ترفع أخفافها.
وفى كتاب الزهرى: ثم لحقوا أصحاب طليحة، فقتلوا وأسروا، وصاح خالد: لا يطبخن رجل قدرا ولا يسخنن ماء إلا على أثفية رأس رجل، وتظلف رجل من بنى أسد، فوثب على عجز راحلة خالد وهو يقول:
لن يخزى الله قوما أنت قائدهم
... يا ابن الوليد ولن تشقى بك الدبر
كفاك كف عقاب عند سطوتها
... على العدو وكف برة عقر
أنشدك الله أن يكون هلاك مضر اليوم على يديك، قال: من أنت ويحك؟ قال: أنا