عقد الله وميثاقه أن تقوموا بالقرآن آناء الليل وآناء النهار، وتعلموه أولادكم ونساءكم، ولا تمنعوا فرائض الله فى أموالكم، قالوا: نعم، فقال عمر: يا خليفة رسول الله، كل ما قلت كما قلت إلا أن يدوا من قتلوا منا، فإنهم قوم قتلوا فى سبيل الله، واستشهدوا.
وفى رواية: فتتابع الناس على قول عمر، وقبض أبو بكر رضى الله عنه، كل ما قدر عليه من الحلقة والكراع، فلما توفى، رأى عمر رضى الله عنه، أن الإسلام قد ضرب بجرانه، فدفعه إلى أهله، أو إلى عصبة من مات منهم.
ولما فرغ خالد من بزاخة وبنى عامر ومن يليهم، أظهر أن أبا بكر عهد إليه أن يسير إلى أرض بنى تميم وإلى اليمامة، فقال ثابت بن قيس بن شماس، وهو على الأنصار، وخالد على جماعة المسلمين: ما عهد إلينا ذلك، وما نحن بسائرين، وليست بنا قوة، وقد كلّ المسلمون، وعجف كراعهم. فقال خالد: أما أنا فلست بمستكره أحدا منكم، فإن شئتم فسيروا، وإن شئتم فأقيموا، فسار خالد ومن تبعه من المهاجرين وأبناء العرب، عامدا لأرض بنى تميم، واليمامة، وأقامت الأنصار يوما أو يومين، ثم تلاومت فيما بينها، وقالوا: والله ما صنعنا شيئا، والله لئن أصيب القوم ليتولن: أخذلتموهم وأسلمتموهم، وإنها لسبة باق عارها آخر الدهر، ولئن أصابوا خيرا وفتح الله فتحا، إنه لخير منعتموه، فابعثوا إلى خالد يقيم لكم حتى تلحقوه، فبعثوا إليه مسعود بن سنان، ويقال: ثعلبة بن غنمة، فلما جاءه الخبر أقام حتى لحقوه، فاستقبلهم فى كثرة من معه من المسلمين، لما أطلوا على العسكر حتى نزلوا، وساروا جميعا حتى انتهى خالد بهم إلى البطاح من أرض بنى تميم، فلم يجد بها جمعا، ففرق السرايا فى نواحيها، وكان فى سرية منها أبو قتادة الأنصارى.
قال: فلقينا رجل، فقلنا: ممن أنت؟ قال: من بنى حنظلة، فقلنا: أين من يمنع الصدقة منا الآن؟ قال: هم بمكان كذا وكذا، فقلت: كم بيننا؟ قال: مائة، فانطلقنا سراعا حتى أتيناهم حين طلعت الشمس، ففزعوا حين رأونا، وأخذوا السلاح، وقالوا: من أنتم؟ قلنا:
نحن عباد الله المسلمون، قالوا: ونحن عباد الله المسلمون، وكانوا اثنى عشر رجلا، فيهم مالك بن نويرة، قلنا: فضعوا السلاح واستسلموا، ففعلوا، فأخذناهم، فجئنا بهم خالدا.
وذكر من خبرهم ما يأتى بعد إن شاء الله تعالى.
وكان مالك بن نويرة قد بعثه النبى صلى الله عليه وسلم، مصدقا إلى قومه بنى حنظلة، وكان سيدهم، فجمع صدقاتهم، فلما بلغته وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، جفل إبل الصدقة، أى ردها من حيث