ألا لا ليس كلهم كذوبا
... وقد كذبوا وكذبهم قليل
وقد صدقوا لهم منا ومنهم
... لنا إن حاربوا يوم طويل
فقل لابن الوليد وللمنايا
... على السراء والضراء دليل
أيقطع بيننا حبلا وصال
... فليس إليهما أبدا سبيل
وما فى الحرب أعظم من جريح
... وعان خر بينهما قتيل
فلما سمع القوم كلامه، عرفوا أنه ثابت على ضلالته معهم، وفرح بذلك منه مسيلمة، وكان محكم سيد أهل اليمامة، وكان صديقا لزياد بن لبيد بن بياضة من الأنصار، فقال له خالد فى بعض الطريق: لو ألقيت إلى محكم شيئا تكسره به، فإنه سيد أهل اليمامة، وطاعة القوم له، فبعث إليه مع راكب، ويقال: بل بعث بها إليه حسان بن ثابت من المدينة:
يا محكم بن طفيل قد أتيح لكم
... لله در أبيكم حية الوادى
يا محكم بن طفيل إنكم نفر
... كالشاء أسلمها الراعى لآساد
ما فى مسيلمة الكذاب من عوض
... من دار قوم وإخوان وأولاد
فاكفف حنيفة عنه قبل نائحة
... تنعى فوارس شاخ شجوها بادى
لا تأمنوا خالدا بالبرد معتجرا
... تحت العجاجة مثل الأغضف العاد
ويل اليمامة ويلا لا فراق له
... إن جالت الخيل فيها بالقنا الصاد
والله لا تنثنى عنكم أعنتها
... حتى تكونوا كأهل الحجر أو عاد
ووردت على محكم، وقيل له: هذا خالد بن الوليد فى المسلمين، فقال: رضى خالد أمرا ورضينا غيره، وما ينكر خالد أن يكون فى بنى حنيفة من قد أشرك فى الأمر، فسيرى خالد إن قدم علينا يلق قوما ليسوا كمن لقى، ثم خطب أهل اليمامة فقال: يا معشر أهل اليمامة إنكم تلقون قوما يبذلون أنفسهم دون صاحبهم، فابذلوا أنفسكم دون صاحبكم، فإن أسدا وغطفان إنما أشار إليهم خالد بذباب السيف، فكانوا كالنعام الشارد، وقد أظهر خالد بن الوليد بأوا حيث أوقع ببزاخة ما أوقع، وقال: هل حنيفة إلا كمن لقينا.
وكان عمير بن ضابئ اليشكرى فى أصحاب خالد، وكان من سادات اليمامة، ولم يكن من أهل حجر، كان من أهل ملمم، وهى لبنى يشكر، فقال له خالد: تقدم إلى قومك، فاكسرهم، فأتاهم، ولم يكونوا علموا بإسلامه، وكان مجتهدا فارسا سيدا، فقال: يا معشر أهل اليمامة، أظلكم خالد فى المهاجرين والأنصار، تركت القوم يتتابعون