الله، ومررت ببشر بن عبد الله وهو قاعد فى حشوته، فاستسقانى، فسقيته، فمات، ومررت بعامر بن ثابت العجلانى وإلى جنبه رجل من بنى حنيفة به جراح، فسقيت عامرا فشرب وقال الحنفى: اسقنى فدى لك أبى وأمى، قلت: لا كرامة، ولكنى أجهز عليك، قال: قد أحسنت لى مسألة ولا شىء عليك فيها، أسألك عنها، قلت: وما هى؟
قال: أبو ثمامة، ما فعل؟ قلت: قتل والله، قال: نبى ضيعه قومه، قال أبو سعيد: فضربت عنقه.
وعن محمود بن لبيد قال: لما قتل خالد بن الوليد من أهل اليمامة من قتل، كانت لهم فى المسلمين أيضا مقتلة عظيمة «1» ، حتى أبيح أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: لا نغمد السيوف بيننا وبينهم عين تطرف وكان فيمن بقى من المسلمين جراحات كثيرة، فلما أمسى مجاعة بن مرارة، أرسل إلى قومه ليلا: أن ألبسوا السلاح النساء والذرية والعبيد، ثم إذا أصبحتم فقوموا مستقبلى الشمس على حصونكم حتى يأتيكم أمرى، وبات خالد والمسلمون يدفنون قتلاهم، فلما فرغوا، رجعوا إلى منازلهم، فباتوا يتكمدون بالنار من الجراح.
فلما أصبح خالد، أمر بمجاعة، فسيق معه فى الحديد، فجعل يستبرئ القتلى، وهو يريد مسيلمة، فمر برجل وسيم، فقال: يا مجاعة، أهو هذا؟ قال: لا، هذا والله أكرم منه، هذا محكم بن الطفيل، ثم قال مجاعة: إن الذى تبتغون رجل ضخم أشعر البطن والظهر، أبجر، بجرته مثل القدح، مطرق إحدى العينين، ويقال: هو أرجل أصيفر أخينس، قال:
وأمر خالد بالقتلى، فكشفوا حتى وجد الخبيث، فوقف عليه خالد، فحمد الله كثيرا، وأمر به فألقى فى البئر التى كان يشرب منها» .
قالوا: ولما أمسينا، أخذنا شعل السعف، ثم جعلنا نحفر لقتلانا حتى دفناهم جميعا، بدمائهم وثيابهم، وما صلينا عليهم، وتركنا قتلى بنى حنيفة، فلما صالحوا خالدا طرحوهم فى الآبار.
وكان خالد يرى أنه لم يبق من بنى حنيفة أحد إلا من لا ذكر له، ولا قتال عنده، فقال خالد لما وقف على مسيلمة مقتولا: يا مجاعة، هذا صاحبكم الذى فعل لكم