يضرب أحدهم على عاتقه فيجز له باثنين، ويبدو سحره، ويضرب الآخر من وسطه.
وفى حديث سفيان بن أبى العوجاء: أن خالدا خطر لهم الخطائر، فحرقهم فيها بالنار، وأصاب أبو شجرة يومئذ، فى المسلمين وجرح جراحات كثيرة، وقال فى ذلك أبياتا، يقول فى آخرها:
فرويت رمحى من كتيبة خالد
... وإنى لأرجو بعدها أن أعمرا
ولما قدم خالد على أبى بكر، كان أول ما سأل عنه خبر بنى سليم، فأخبره خالد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قدم على أبى بكر معاوية بن الحكم، وأخوه خميصة مسلمين، فقال أبو بكر لخميصة: أنت قتلت قبيصة، ورجعت عن الإسلام؟ قال: إنه قتل جارى، قال: وإن قتل جارك على ردة، قتلته، لن تفلت منى حتى أقتلك، فقال أخوه: يا خليفة رسول الله، كان يومئذ مرتدا كافرا موتورا، وقد تاب اليوم وراجع، ولكن نديه قال أبو بكر: فأخرج ديته، فقال: أفعل يا خليفة رسول الله، قال: فنعم الرجل كان قبيصة، ونعم السبيل مات عليه.
ثم قال لمعاوية: وعمدتم يا بنى الشريد إلى لطيمة بعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهبتموها، وقلتم إن يقم بهذا الأمر رجل من قريش، فلعمرى ليرضى أن تدخلوا فى الإسلام مع الناس، فكيف يأخذكم بأمن الطريق إلى رجل قد مات، فإن طلب ما أخذتم فإنما يطلبها أهل بيته، فما كانوا يطلبون ذلك منكم وأنتم أخوالهم. قال معاوية: نحن نضمنها حتى نؤديها إليك، فحمل أبو بكر، معاوية اللطيمة التى أصابوها، ووقت لهم شهرين أو ثلاثة.
قال: فأداها إلى أبى بكر، ثم إن أبا شجرة أسلم، ودخل فيما دخل فيه الناس، فجعل يعتذر ويجحد أن يكون قال البيت المتقدم، فلما كان زمن عمر بن الخطاب، قدم أبو شجرة وأناخ راحلته بصعيد بنى قريظة، وجاء من حرة شوران، ثم أتى عمر وهو يقسم بين فقراء العرب، فقال: يا أمير المؤمنين، أعطنى، فإنى ذو حاجة، فقال: من أنت؟ قال:
أنا أبو شجرة بن عبد العزى، فقال له: يا عدو الله، ألست الذى يقول:
فرويت رمحى من كتيبة خالد
... وإنى لأرجو بعدها أن أعمرا
عمر الله سوء ما عشت لك يا خبيث، ثم جعل يعلوه بالدرة على رأسه، حتى سبقه عدوا، وعمر فى طلبه، فرجع أبو شجرة موليا إلى راحلته، فارتحلها، ثم شد بها فى حرة شوران راجعا إلى أرض بنى سليم، فما استطاع أبو شجرة أن يقرب عمر حتى توفى،