من المهاجرين، فطرقوهم، فوجدوهم قد ثملوا، فقتلوهم، فلم يفلت منهم أحد، ووثب الخطم وهو سكران، فوضع رجله فى ركاب فرسه، ثم جعل يقول: من يحملنى، فسمعه عبد الله بن حذف، فأقبل نحوه وهو يقول: أبا ضبيعة؟ قال: نعم، قال: أنا أحملك، فلما دنا منه ابن حذف ضربه حتى قتله، وقطعت رجل أبجر بن جابر العجلى فمات منها وقد كان قال حين قطعت: قاتلك الله يا ابن حذف، ما أشأمك، وقد قيل إن عفيف بن المنذر، أحد بنى عمرو بن تميم، هو الذى سمع كلام الخطم حين رام الركوب، فلم يستطع، فقال: ألا رجل من بنى قيس بن ثعلبة يعقلنى الليلة، فقال له عفيف وقد عرف صوته: أبا ضبيعة، أعطنى رجلك، فأعطاه إياها، يظن أنه يعقله على فرسه، فأطنها من الفخذ وتركه، فقال: أجهز على، فقال: إنى أحب أن لا تموت حتى أمصك، وكان مع عفيف تلك الليلة عدة من بنى أبيه أصيبوا.
وقتل ليلتئذ مسمع بن سنان، أبو المسامعة، وانهزم الباقون، حتى صاروا فى ناحية من البحرين فعصموا بمفروق الشيبانى.
قال إسحاق: وأصبح ما أفاء الله على المسلمين من خيولهم، وما سوى ذلك عند العلاء فى حصن جواثى، ثم صار العلاء إلى المدينة فقاتلهم قتالا شديدا، وهزمهم الله حتى لجئوا إلى باب المدينة، فضيق عليهم، فلما رأى ذلك مخارق ومن معه، قالوا: إن خلوا عنا رجعنا من حيث جئنا، فشاور العلاء أصحابه، فأشاروا عليه أن يخلى عنهم، فخرجوا فلحقوا ببلادهم، وبقى أهل المدينة، فطلبوا الصلح والأمان، فصالحهم العلاء على ثلث ما فى أيديهم بالمدينة من أموالهم، وما كان من شىء خارج منها، فهو له، فبعث العلاء بمال كثير إلى المدينة.
وفى غير هذا الحديث أن عبد القيس لما أوقعوا تلك الليلة ببكر بن وائل، طفقت بكر تنادى: يا عبد القيس، إياكم مفروق بن عمرو فى جماعة بكر بن وائل، فقال عبد الله بن حذف فى ذلك:
لا توعدونا بمفروق وأسرته
... إن يأتنا يلق منا سنة الخطم
النخل ظاهرها خيل وباطنها
... خيل تكردس بالفرسان كالنعم
وإن ذا الحى من بكر وإن كثروا
... لأمة داخلون النار فى أمم
ثم سار العلاء بن الحضرمى إلى الخط حتى نزل على الساحل، فجاءه نصرانى، فقال له: مالى إن دللتك على مخاضة تخوض منها الخيل إلى دارين، قال: وما تسألنى؟ قال: أهل