خير منك، فقال: لا يدعك عامله ترجع إلى الكفر، فقلت: من، قال: زياد بن لبيد، فتضاحكت، فكيف وجدت زيادا، أذكرت به أمه؟ قال الأشعث: نعم كل الأذكار، ثم قال فى آخر قوله: أيها الرجل، أطلق إسارى، واستبقنى لحربك، وزوجنى أختك أم فروة بنت أبى قحافة، فإنى قد تبت مما صنعت، ورجعت إلى ما خرجت منه من منع الصدقة، فأسعفه أبو بكر فزوجه، فكان الأشعث مقيما بالمدينة حتى كانت ولاية عمر بن الخطاب، وثاب الناس إلى فتح العراق، فخرج الأشعث مع سعد بن أبى وقاص.
قالوا: وقدم على أبى بكر رضى الله عنه، أربعة عشر رجلا من كندة يطلبون أن يفادوا بينهم، وقالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رجعنا عن الإسلام ولكن شححنا على أموالنا، وقد رجع من وراءنا إلى ما خرجوا منه وبايعوك راضين، فقال أبو بكر: بعد ماذا؟ بعد أن وطئكم السيف؟ فقالوا: يا خليفة رسول الله، إن الأشعث غدر بنا، كنا جميعا فى الحصن، فكان أجزعنا، وكان أول من نقض، وأبى أن يدفع الصدقة، وأمرنا بذلك، ورأسنا، فلم يبارك لنا فى رياسته. فقال: أنزل وآخذ لكم الأمان جميعا، فإن لم يكن رجعت إليكم فيصيا بنى ما يصيبكم، فنزل، فأخذ الأمان لنفسه وأهله ومواليه، وقتلنا صبرا بالسيف.
فقال أبو بكر رضى الله عنه: قد كنت كتبت إلى زياد بن مهاجر كتابا مع نهيك بن أوس إن ظفرتما بأهل النجير فلا تقتلاهم وأنزلاهم على حكمى.
فقال المتكلم: قد والله قتل منا سبعمائة على دم واحد، وقد رجوناك يا خليفة رسول الله.
ولما كلمه الوفد فى أن يرد عليهم السبى ويقبل منهم الفداء أجاب إلى ذلك، وخطب الناس على المنبر، فقال: أيها الناس، ردوا على هؤلاء نساءهم وذراريهم، لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغيب عنهم أحدا، قد جعلنا الفداء على كل رأس منهم أربعمائة درهم.
وأمر أبو بكر زيد بن ثابت بقبض الفداء، وأمره أيضا بإخراج الخمس.
قال الواقدى: سألت معاذ بن محمد فقلت: أرأيت الأربعة الأخماس، حيث أمر أبو بكر أن يفدوا بأربعمائة أربعمائة، ما فعل بها؟ قال: جمع أبو بكر ذلك كله فجعله سهمانا لأهل النجير مع ما استخرج زياد بن لبيد والمهاجر مما وجدوا فى الحصن النجير من الرثة والسلاح، ومما أصابوا من غير ذلك، فجعلوه مغنما.