أميركم، فإنه قد توجه إلى عدو المسلمين بأجنادين، وقد كتب إلىّ يأمرنى بموافاته هنالك.
ثم خرج بالناس ومضى بهم الدليل، وبلغ ذلك الجيش الذى جاء فى طلبهم، فجعل المسير فى آثارهم، وجاء وردان كتاب من الروم الذين بأجنادين: أن عجل إلينا فإنا مؤمروك علينا ومقاتلون معك العرب حتى تنفيهم من بلادنا. فأقبل فى آثار هؤلاء، رجاء أن يستأصلهم أو يصيب طرفا منهم، فيكون قد نكب طائفة من المسلمين، فأسرع السير فلم يلحقهم، وجاؤا حتى قدموا على المسلمين، وجاء وردان فيمن معه حتى وافى جمع الروم بأجنادين، فأمروه عليهم، واشتد أمرهم.
وأقبل يزيد بن أبى سفيان حتى وافى أبا عبيدة وخالدا، ثم إنهم ساروا حتى نزلوا بأجنادين، وجاء عمرو بن العاص فيمن معه، فاجتمع المسلمون جميعا بأجنادين، وتزاحف الناس غداة السبت.
فخرج خالد، فأنزل أبا عبيدة فى الرجال، وبعث معاذ بن جبل على الميمنة، وسعيد ابن عامر بن حذيم على الميسرة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على الخيل.
وأقبل خالد يسير فى الناس، لا يقر فى مكان واحد، يحرض الناس، وقد أمر نساء المسلمين فاحتزمن وقمن وراء الناس يدعون الله ويستغثنه، وكلما مر بهن رجل من المسلمين رفعن أولادهن إليه وقلن لهم: قاتلوا دون أولادكم ونسائكم.
وأقبل خالد يقف على كل قبيلة فيقول: اتقوا الله عباد الله، وقاتلوا فى الله من كفر بالله، ولا تنكصوا على أعقابكم، ولا تهنوا من عدوكم، ولكن أقدموا كإقدام الأسد، أو ينجلى الرعب وأنتم أحرار كرام، قد أوتيتم الدنيا واستوجبتم على الله ثواب الآخرة، ولا يهولنكم ما ترون من كثرتهم، فإن الله منزل رجزه وعقابه بهم. وقال للناس: إذا حملت فاحملوا.
وقال معاذ بن جبل: يا معشر المسلمين، اشروا أنفسكم اليوم لله، فإنكم إن هزمتموهم اليوم كانت لكم دار السلام أبدا مع رضوان الله والثواب العظيم من الله.
وكان من رأى خالد مدافعتهم، وأن يؤخر القتال إلى صلاة الظهر، عند مهب الأرواح، وتلك الساعة التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستحب القتال فيها، فأعجله الروم، فحملوا على المسلمين مرتين: من قبل الميمنة على معاذ بن جبل، ومن قبل الميسرة على