فضيلتى، وقد علمت أنى صاحب فتح هذه البلاد، وأستعدى عليك فلانا وفلانا وفلانا لوزرائه، فأقرئهم كتابى، ولينظروا فيما بينى وبينك.
فخرج الرسول على ما أمره به حتى أتى أرطبون، فدفع إليه الكتاب، بمشهد من أولئك النفر، فاقترأه، فضحكوا وتعجبوا، وأقبلوا على أرطبون، فقالوا: من أين علمت أنه ليس بصاحبها؟ قال: صاحبها رجل اسمه عمر، ثلاثة أحرف، فرجع الرسول إلى عمرو فعرف أنه عمر. وكتب إلى عمر يستمده، ويقول: إنى أعالج حربا كئودا، وبلادا ادخرت لك، فرأيك. فلما جاء عمر الكتاب، علم أن عمرا لم يقل إلا بعلم، فنادى فى الناس، ثم خرج بهم حتى نزل الجابية.
وعن عدى بن سهل قال «1» : لما استمد أهل الشام عمر على أهل فلسطين، استخلف عليا، وخرج ممدا لهم، فقال على: أين تخرج بنفسك؟ إنك تريد عدوا كلبا، فقال: إنى أبادر بجهاد العدو موت العباس، إنكم لو فقدتم العباس لانتقض لكم الشر انتقاض الجبل.
قالوا: وجميع ما خرج عمر إلى الشام أربع مرات، أما الأولى فعلى فرس، وأما الثانية فعلى بعير، وأما الثالثة فقصر به عنها استعار الطاعون، وأما الرابعة فدخلها على حمار، فاستخلف عليها وخرج، وفتحت إيلياء وأرضها كلها فى ربيع الآخر سنة ست عشرة على يدى عمر بن الخطاب ما خلا أجنادين، على يدى عمرو، وقيسارية على يدى معاوية.
وعن سالم بن عبد الله: أن أهل إيلياء أشجوا عمر وأشجاهم، ولم يقدر عليها ولا على الرملة، قال: فبينا عمر معسكرا بالجابية، فزع الناس إلى السلاح، فقال: ما شأنكم؟
فقالوا: ألا ترى الخيل والسيوف؟ فنظر، فإذا كردوس يلمعون بالسيوف، فقال عمر:
مستأمنة فلا تراعوا وأمنوهم، وإذا هم أهل إيلياء، فصالحوه على الجزية، وفتحوا له إيلياء، واكتتبوا منه عليها، وعلى حيزها، والرملة وحيزها فصارت فلسطين نصفين، نصفا مع أهل إيلياء ونصفا مع أهل الرملة، وفلسطين تعدل الشام كله، وهى عشر كور من غير هذا الحديث المتقدم.
وهو مما ذكره سيف أيضا «2» أن عمر رضى الله عنه، فرق فلسطين على رجلين فجعل علقمة بن حكيم على نصفها وأنزله الرملة، وعلقمة بن مجزز على نصفها وأنزله إيلياء،