ونزل كل واحد منهما فى عمله فى الجنود التى كانت معه، وكان سالم بن عبد الله فى الجنود التى كانت مع عمرو، وضم عمرا وشرحبيل إليه بالجابية، فلما انتهيا إليها وافقا عمر رضى الله عنه، راكبا، فقبلا ركبته، وضم عمر كل واحد منهما واحتضنه.
وعن غير سالم «1» : أن عمر رضى الله عنه، لما بعث بأمان أهل إيلياء، وأسكنها الجند شخص إلى بيت المقدس من الجابية فرأى فرسه يتوجى فنزل عنه وأتى ببرذون فركبه فهزه، فنزل فضرب وجهه بردائه، ثم قال: قبح الله من علمك هذا، ثم دعا بفرسه بعد ما أجمه أياما يوقحه، فركب، ثم سار حتى انتهى إلى بيت المقدس، وفى رواية أنه قال للبرذون: لا علم الله من علمك هذا من الخيلاء، ولم يركب برذونا قبله ولا بعده.
وعن أبى مريم مولى سلامة قال: شهدت فتح إيلياء مع عمر رضى الله عنه، فسار من الجابية فاصلا حتى يقدم إيلياء، ثم مضى حتى يدخل المسجد، ثم مضى نحو محراب داود، ونحن معه، فدخله، ثم قرأ سجدة داود فسجد وسجدنا معه.
وقال يزيد بن حنظلة يذكر بعض ما تقدم «2» :
تذكرت حرب الروم لما تطاولت
... وإذ نحن فى عام كثير نوازله
وإذ نحن فى أرض الحجاز وبيننا
... مسيرة شهر بينهن بلابله
وإذ أرطبون الروم يحمى بلاده
... يحاوله قرم هناك يساجله
فلما رأى الفاروق أزمان فتحها
... سما بجنود الله كيما يصاوله
فلما أحسوه وخافوا صياله
... أتوه وقالوا أنت ممن نواصله
وألقت إليه الشأم أفلاذ بطنها
... وعيشا خصيبا ما تعد مآكله
أباح لنا ما بين شرق ومغرب
... مواريث أعقاب بنتها قرامله
وكم مثقل لم يضطلع باحتماله
... تحمل عبئا حين شالت شوائله
وقال أيضا:
وقد عضلت بالشأم أرض بأهلها
... تريد من الأقوام ما كان ألحدا
سما عمر لما أتته رسائل
... كأصيد يحمى صرمة الحى أغيدا
فلما أتاه ما أتاه أجابهم
... بجيش ترى منه السنابك سجدا
وأقبلت الشام العريضة بالذى
... أراد أبو حفص وأزكى وأزيدا