واللؤلؤ بالذهب والفضة، معلقا بسلسلة من ذهب فى رأس طاقة فى مجلسه ذلك، وكانت عنقه لا تحمل تاجه، إنما يستر بالثياب حتى يجلس فى مجلسه ذلك، ثم يدخل رأسه فى تاجه، فإذا استوى فى مجلسه كشفت عنه الثياب، فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له.
فلما دخل عليه سيف بن يزن برك، وقيل: إنه لما دخل عليه طأطأ رأسه، فقال الملك:
إن هذا لأحمق! يدخل على من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه!.
فقيل ذلك لسيف، فقال: إنما فعلت هذا لهمى، لأنه يضيق عنه كل شىء. ثم قال:
أيها الملك، غلبنا على بلادنا الأغربة.
فقال كسرى: أى الأغربة؟ الحبشة أم السند؟ قال: بل الحبشة، فجئتك لتنصرنى ويكون ملك بلادى لك. قال: بعدت بلادك مع قلة خيرها، فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب، لا حاجة لى بذلك.
ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف، وكساه كسوة حسنة. فلما قبض ذلك سيف خرج فجعل ينثر تلك الورق للناس. فبلغ ذلك الملك فقال: إن لهذا لشأنا.
ثم بعث إليه فقال: عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس! فقال: وما أصنع بهذا؟! ما جبال أرضى التى جئت منها إلا ذهب وفضة، يرغبه فيها.
فجمع كسرى مرازبته «1» فقال: ماذا ترون فى أمر هذا الرجل وما جاء له؟ فقال قائل: أيها الملك إن فى سجونك رجالا حبستهم للقتل، فلو أنك بعثتهم معه، فإن يهلكوا كان ذلك الذى أردت، وإن ظفروا كان ملكا ازددته.
فبعث معه كسرى من كان فى سجونه، وكانوا ثمانمائة رجل، واستعمل عليهم رجلا منهم يقال له: وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا، فخرجوا فى ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصلت إلى ساحل عدن ست سفائن.
فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له: رجلى مع رجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا. قال وهرز: أنصفت.
وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن وجمع إليه جنوده، فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم، فقتل ابن وهرز، فزاده ذلك حنقا عليهم. فلما تواقف الناس