شديدا، حتى كأنه رجل خرج منا إليهم، فكان ذلك الدأب حتى فرغنا منهم.
وفيمن أتينا به أبو مريم عبد الله بن عبد الرحمن، قال القاسم: وقد أدركته وهو عريف بنى زبيد، قال ابن جزء الزبيدى: فعرضنا عليه الإسلام والنصرانية، وأبوه وأمه وإخوته فى النصارى، فاختار الإسلام، فحزناه إلينا، ووثب عليه أبوه وأمه وإخوته يجاذبوننا عليه، حتى شققوا ثيابه، ثم هو اليوم عريفنا كما ترى.
ثم فتحت لنا الإسكندرية فدخلناها، فمن زعم غير ذلك أن الإسكندرية وما حولها من القرى لم تكن لها جزية ولا لأهلها عهد فقد كذب.
قال القاسم: وإنما أهاج هذا الحديث أن ملوك بنى أمية كانوا يكتبون إلى أمراء مصر أنها إنما دخلت عنوة، وإنما هم عبيدنا نزيد عليهم كيف شئنا، ونضع ما شئنا، وقد تقدم بعض ما وقع فى هذا المعنى من الاختلاف.
وكذلك اختلفوا فى وقت فتح مصر، فذكر ابن إسحاق أنها فتحت سنة عشرين، وكذلك قال أبو معشر والواقدى.
وقد روى عن أبى معشر أن الإسكندرية فتحت سنة خمس وعشرين، ولعل ذلك فتحها الأخير، إذ قد تقدم ذكر انتقاضها مرتين.
وأما سيف «1» فزعم أن مصر والإسكندرية فتحتا فى سنة ست عشرة. قال: ولما كان ذو القعدة من سنة ست عشرة وضع عمر، رحمه الله، مسالح مصر على السواحل وغيرها.
وقال سعيد بن عفير وغيره «2» : لما تم الفتح للمسلمين بعث عمرو بن العاص جرائد الخيل إلى القرى التى حول الفسطاط، فأقامت الفيوم سنة لم يعلم المسلمون مكانها، حتى أتاهم رجل فذكرها لهم، فأرسل عمرو معه ربيعة بن حبيش بن عرفطة الصدفى، فلما سلكوا فى المجابة لم يروا شيئا، فهموا بالانصراف، فقالوا: لا تعجلوا، سيروا فإن كان كذبا فما أقدركم على ما أردتم. فلم يسيروا إلا قليلا حتى طلع لهم سواد الفيوم فهجموا عليها، فلم يكن عندهم قتال وألقوا بأيديهم.
قال: ويقال: بل خرج مالك بن ناعمة الصدفى، وهو صاحب الأشقر، ينفض المجابة