صلى الله عليه وسلم فى بيتها ثم استيقظ وهو يضحك، فسألته: ما يضحكه؟ فقال: «ناس من أمتى عرضوا علىّ غزاة فى سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة» ، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنى منهم! فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ يضحك، فسألته فقال: «ناس من أمتى عرضوا علىّ» «1» ، مثل مقالته الأولى. فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنى منهم. قال: «أنت من الأولين» «2» ، فكانت هذه الغزوة هى التى عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا. وخرجت أم حرام فيها، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.
قال ابن عمير: وذلك العام بالشام عام قبرس الأول.
وقيل: إن معاوية توجه إليها من حصن عكا فى مائتى مركب، قال: وظفر معاوية فى هذه الغزاة، وأخذ من الأموال والحلى ما لا يحصى.
وقال جبير بن نفير «3» : لما سبيناهم، يعنى أهل قبرس، نظرت إلى أبى الدرداء يبكى، فقلت: ما يبكيك فى يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل الكفر وأهله؟ فضرب بيده على منكبى، وقال: ثكلتك أمك يا جبير، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره! بينا هى أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك، إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى، فسلط عليهم السباء، وإذا سلط السباء على قوم فليس لله، عز وجل، بهم حاجة.
وذكر الطبرى «4» أن معاوية لما غزا قبرس صالح أهلها على جزية سبعة آلاف دينار، يؤدونها إلى المسلمين فى كل سنة، ويؤدون إلى الروم مثلها، ليس للمسلمين أن يحولوا بينهم وبين ذلك، على أن لا يغزوهم المسلمون، ولا يقاتلوا هم من غزا من خلفهم يريد