ولا يمكن أحدًا أن ينكره أو يقول: لم يقع، وهو مذهب أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومذهب حَبْر الأمَّة وبحرها ابن عبَّاسٍ وأصحابه، ومذهب أبي موسى الأشعريِّ، ومذهب إمام أهل السُّنَّة والحديث وأتباعه أحمد بن حنبلٍ، وأهل الحديث معه، ومذهب عبيد الله (١) بن الحسن العنبري قاضي البصرة، ومذهب أهل الظَّاهر (٢).
والَّذين خالفوا هذه الأحاديث لهم أعذارٌ:
العذر الأوَّل: أنَّها منسوخةٌ.
العذر الثَّاني: أنَّها مخصوصةٌ بالصَّحابة، لا يجوز لغيرهم مشاركتهم في حكمها.
العذر الثَّالث: معارضتها بما يدلُّ على خلاف حكمها.
هذا مجموع ما اعتذروا به عنها. ونحن نذكر هذه الأعذار عذرًا عذرًا، ونبيِّن ما فيها بمعونة الله وتوفيقه.
فأما العذر الأوَّل ــ وهو النَّسخ ــ فيحتاج إلى أربعة أمورٍ لم يأتوا منها بشيءٍ: إلى نصوصٍ أُخَر، ثم تكون تلك النُّصوص معارضةً لهذه، ثمَّ تكون مع المعارضة مقاومةً لها، ثمَّ يثبت تأخُّرها عنها.
قال المدَّعون للنَّسخ: قال عمر بن الخطاب السجستاني (٣): ثنا الفاريابي، ثنا أبان بن أبي حازم، قال: حدَّثني أبو بكر بن حفص، عن ابن
(١) في المطبوع: «عبد الله»، خطأ. انظر: «تهذيب التهذيب» (٧/ ٧).
(٢) انظر: «حجة الوداع» لابن حزم (ص ٣٤٤).
(٣) ج، ص، ب، مب: «السختياني». والمثبت من ق موافق لما في «حجة الوداع» (ص ٣٥٩).