وأحْيِ بذكراهم سُراكَ إذا وَنَتْ (١) ... ركابُك فالذِّكْرى تُعيدك عاملا
وإمّا تخافَنَّ الكَلال فقل لها ... أمامكِ وِرْد الوَصْلِ فابغي المَناهلا
وخذ قبَسًا من نورهم ثم سِرْ به ... فنورهمُ يهديك ليس المشاعِلا
وحيَّ على وادي الأراك فقِلْ به ... عساك تراهم ثَمَّ إن كنتَ قائلا
وإلا ففي نَعمانَ عند مُعرِّفِ الـ ... أحبَّة فاطلبهم إذا كنتَ سائلا
وإلا ففي جمعٍ بليلته فإنْ ... تَفُت فمنًى يا ويحَ من كان غافلا
وحيَّ على جنات عدنٍ فإنها ... منازلُك الأُولى بها كنت نازلا
ولكنْ سَباك الكاشحون لأجل ذا ... وقفتَ على الأطلال تبكي المنازلا
وحيَّ على يوم المزيد بجنة الـ ... خلود فجُدْ بالنفس إن كنتَ باذلا
فدَعْها رسومًا دارساتٍ فما بها ... مَقِيلٌ وجاوِزْها فليست منازلا
رسومًا عفت ينتابها الخلق كم بها ... قتيل وكم فيها لذا الخلق قاتلا
وخذ يمنةً عنها على المنهج الذي ... عليه سرى وفد المحبَّة آهلا
وقل ساعدي يا نفسُ بالصبر ساعةً ... فعند اللِّقا ذا الكدُّ يصبح زائلا
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ... ويصبح ذو الأحزان فرحانَ جاذِلا (٢)
لقد حرَّك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوسَ الأبية والهممَ العالية، وأَسْمَعَ منادي الإيمان من كانت له أذن واعية، أسمَعَ ــ واللهِ ــ من كان حيًّا، فهزَّه السماعُ إلى منازل الأبرار وحدا به في طريق سيره، فما حطَّت رحالُه إلا بدار القرار؛ فقال: «انتدب الله لمن خرج في سبيله ــ لا يخرجه إلا إيمان بي
(١) ص، ج، ز، ع، ن: «دَنَتْ»، تصحيف، وهو على الصواب في هامش ز. و «سُراك» تصحّف في المطبوع إلى «شراك». والسُّرى: سير الليل.
(٢) يبدو أن الأبيات للمؤلف، وهي في «مدارج السالكين» (٣/ ٨).