ألا أبلغ أبا سفيان عني ... مُغَلغَلةً فقد بَرِح الخفاءُ (١)
بأنَّ سيوفنا تركتك عبدًا ... وعبدُ الدار سادَتُها الإماءُ
هجوت محمدًا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاءُ
أتهجوه ولستَ له بكُفوٍ ... فشرُّكما لخيركما الفداءُ (٢)
هجوت مباركًا بَرًّا حنيفًا ... أمينَ الله شِيمتُه الوفاءُ (٣)
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواءُ؟
فإنَّ أبي ووالدَه وعِرضي ... لعرض محمدٍ منكم وِقاءُ
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري لا تكدِّره الدِّلاءُ (٤)
فصل
في الإشارة إلى ما في هذه الغزوة من الفقه واللطائف
كان صلح الحديبية مقدمةً وتوطئةً بين يدي هذا الفتح العظيم، أمِن الناسُ به وكلَّم بعضُهم بعضًا وناظره في الإسلام، وتمكَّن من اختفى من
(١) أبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب، فالأبيات قيلت في هجائه قبل أن يسلم، وقد هجاه حسّان أيضًا بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بداليته التي يقول فيها:
وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنتِ مخزومٍ ووالدك العبدُ
كما في «صحيح مسلم» (٢٤٨٩) من حديث عائشة. وانظر: «ديوانه» (١/ ٢٢٢). «والمغلغلة»: الرسالة. و «برح الخفاء»: زال.
(٢) وهذا البيت أيضًا لم يرد في حديث عائشة - رضي الله عنها - عند مسلم، لكنّها ذكرته في حديث آخر لها عند الأزرقي في «أخبار مكة» (٢/ ١٠) وأبي يعلى (٤٦٤٠) والخطيب في «تاريخه» (٥/ ٢٢٣)، وإسناده لا بأس به.
(٣) رواية مسلم: «هجوتَ محمدًا برًّا حنيفًا».
(٤) هذا البيت أيضًا لم يرد في حديث عائشة - رضي الله عنها - عند مسلم، وذكره موسى بن عقبة في مغازيه كما في «الدلائل» (٥/ ٤٩).