وذهب أهل الرَّأي والأوزاعيُّ والثَّوريُّ وجماعةٌ إلى أنَّ اللِّعان لا يكون إلا بين زوجين مسلمين عدلين حرَّين غير محدودين في قذفٍ، وهو روايةٌ عن أحمد.
ومأخذ القولين أنَّ اللِّعان يجمع وصفين: اليمين والشَّهادة، وقد سمَّاه الله سبحانه شهادةً، وسمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينًا حيث يقول: «لولا الأيمانُ لكان لي ولها شأنٌ» (١)، فمن غلَّب عليه حكمَ الأيمان قال: يصحُّ من كلِّ من تَصِحُّ يمينه.
قالوا: ولعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} النور: ٦.
قالوا: وقد سمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمينًا.
قالوا: ولأنَّه مفتقرٌ إلى اسم الله، وإلى ذكر القسم المؤكَّد وجوابه.
قالوا: ولأنَّه يستوي فيه الذَّكر والأنثى بخلاف الشَّهادة.
قالوا: ولو كان شهادةً لما تكرَّر لفظه، بخلاف اليمين فإنها قد يُشْرَع فيها التَّكرار، كأيمان القسامة.
قالوا: ولأنَّ حاجة الزَّوج التي لا تصحُّ منه الشَّهادة إلى اللِّعان ونفْيِ الولد، كحاجة من تصحُّ شهادته سواءٌ، والأمر الذي ينزل به (٢) ممَّا يدعو إلى اللِّعان كالَّذي ينزل بالعدل الحرِّ، والشَّريعة لا ترفع ضررَ أحد النَّوعين
(١) جزء من حديث ابن عباس في اللعان عند أحمد وأبي داود، وقد سبق تخريجه قريبًا؛ إلا أن هذه اللفظة مُعلَّةٌ بمخالفة عبادِ بن منصور هشامَ بن حسان، كما في البخاري (٤٧٤٧)، ولفظه فيه: «لولا ما مضى من كتاب الله ... »، وسيأتي بيانه في كلام المصنف.
(٢) «به» ليست في م.