فالنَّاس كلُّهم احتجُّوا بهذه القراءة، ولا مستندَ للإجماع سواها.
قالوا: وأمَّا قولكم: إمَّا أن يكون نقله قرآنًا أو خبرًا، قلنا: بل قرآنًا صريحًا.
قولكم: فكان يجب نقله متواترًا، قلنا: متى (١)؟ إذا نُسخ لفظه أو بقي؟ أمَّا الأوَّل فممنوعٌ، والثَّاني مسلَّمٌ، وغاية ما في الأمر أنَّه قرآنٌ نُسِخ لفظه وبقي حكمه، فيكون له حكم قوله: «الشَّيخ والشَّيخة إذا زنيا فارجموهما» (٢) ممَّا اكتُفِي بنقله آحادًا وحكمُه ثابتٌ، وهذا ممَّا لا جوابَ عنه.
وفي المسألة مذهبان آخران ضعيفان:
أحدهما: أنَّ التَّحريم لا يثبت بأقلَّ من سبعٍ، كما سئل طاوسٌ عن قول من يقول: لا يُحرِّم من الرَّضاع دون سبع رضعاتٍ، فقال: قد كان ذلك، ثمَّ حدث بعد ذلك أمرٌ جاء بالتَّحريم، المرَّة الواحدة تُحرِّم (٣).
وهذا المذهب لا دليلَ عليه.
الثَّاني: أنَّ التَّحريم إنَّما يثبت بعشر رضعاتٍ، وهذا يُروى عن حفصة (٤)
(١) في المطبوع: «حتى» خلاف النسخ.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ: مالك (٢٣٨٣)، وابن ماجه (٢٥٥٣)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٨/ ٢١١) من حديث عمر - رضي الله عنه -، وأحمد (٢١٢٠٧)، وابن حبان (٤٤٢٨)، والحاكم (٢/ ٤١٦) من حديث أبي بن كعب، وأصله في البخاري (٧٣٢٣)، ومسلم (١٦٩١). وينظر: «الحجة للقراء السبعة» للفارسي (٢/ ١٨١).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١٣٩١٦).
(٤) أخرجه مالك (١٧٤٢)، ومن طريقه الشافعي في «الأم» (٧/ ٢٣٦)، ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٤٥٧).