الزَّوج، وللمرأة فيها النَّفقة والسُّكنى باتِّفاق المسلمين، ولكنَّ سكناها هل هو (١) كسكنى الزَّوجة فيجوز أن ينقلها المطلِّق حيث شاء, أم يتعيَّن عليها المنزل فلا تَخْرج ولا تُخْرَج؟ فيه قولان. وهذا الثَّاني هو المنصوص عن أحمد وأبي حنيفة، وعليه يدلُّ القرآن. والأوَّل قول الشَّافعيِّ وقول بعض أصحاب أحمد.
والصَّواب ما جاء به القرآن، فإنَّ سكنى الرَّجعيَّة من جنس سكنى المتوفَّى عنها، ولو تراضيا بإسقاطها لم يجزْ، كما أنَّ العدَّة فيها كذلك، بخلاف البائن فإنَّها لا سكنى لها ولا عليها، فالزَّوج له أن يُخرِجها ولها أن تَخرج، كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس: «لا نفقةَ لكِ ولا سكنى» (٢).
فأمَّا الرَّجعة فهل هي حقٌّ للزَّوج يملك إسقاطَها بأن يطلِّقها واحدةً بائنةً، أو هي حقٌّ لله فلا يملك إسقاطَها؟ ولو قال: أنت طالقٌ طلقةً بائنةً وقعت رجعيَّةً أم هي حقٌّ لهما؟ فإن تراضيا بالخلع بلا عوضٍ وقع طلاقًا بائنًا ولا رجعة فيه؟ فيه ثلاثة أقوالٍ:
فالأوَّل: مذهب أبي حنيفة وإحدى الرِّوايات عن أحمد.
والثَّاني: مذهب الشَّافعيِّ والرِّواية الثَّانية عن أحمد.
والثَّالث: مذهب مالك والرِّواية الثَّالثة عن أحمد.
والصَّواب أنَّ الرَّجعة حقٌّ لله تعالى، ليس لهما أن يتَّفقا على إسقاطها، وليس له أن يُطلِّق طلقةً بائنةً ولو رضيت الزَّوجة، كما أنَّه ليس لهما أن
(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «هي».
(٢) تقدم تخريجه (ص ١٢١).