قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ: دُونَكُمْ.
فَقَتَلُوهُ.
ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ.
* * * وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بن الاشرف، وَكَانَ رجلا من طئ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ عَنْ مَقْتَلِ أَهِلِ بَدْرٍ حِينَ قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَصَابَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ ظَهْرِهَا.
فَلَمَّا تَيَقَّنَ عَدُوُّ اللَّهِ الْخَبَرَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَنَزَلَ عَلَى الْمُطَّلِبِ بن أَبى ودَاعَة بن ضبيرة السَّهْمِيِّ، وَعِنْدَهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ منَاف، فَأَنْزَلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُنْشِدُ الْأَشْعَارَ وَيَنْدُبُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ.
فَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي أَوَّلُهَا: طَحَنَتْ رَحَى بَدْرٌ لِمَهْلِكِ أَهْلِهِ * وَلِمَثَلِ بَدْرٍ تَسْتَهِلُّ وَتَدْمَعُ وَذَكَرَ جَوَابَهَا مِنْ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ.
ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَعَلَ يُشَبِّبُ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَيَهْجُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهَ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَكَانَ كَعْبُ بْنِ الْأَشْرَفِ أَحَدَ بَنِي النَّضِيرِ أَوْ فِيهِمْ، قَدْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهِجَاءِ وَركب إِلَى قُرَيْش فاستغراهم، وَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَهُوَ بِمَكَّةَ: أُنَاشِدُكَ أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ؟ وَأَيُّنَا أَهْدَى فِي رَأْيِكَ وَأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ؟ إِنَّا نُطْعِمُ الْجَزُورَ الْكَوْمَاءَ وَنَسْقِي اللَّبَنَ عَلَى الْمَاءِ وَنُطْعِمُ مَا هَبَّتِ الشَّمَالُ.