سُفْيَان، عَن أَبى الزبير، حَدثنَا ابْن مِينَاءَ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا (1) ، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقلت: هَل عنْدك شئ، فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا؟ فأخرجت لى جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِن (2) ، فذبحتها، فَطحنت، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي
بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقلت: يَا رَسُول الله ذبحت بَهِيمَة لنا، وطحنت صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ.
فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرا قد صنع سؤرا (3) فَحَيَّهَلا بِكُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أجئ.
فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ.
فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ.
فأخرجت لنا عجينا فبسق فِيهِ وَبَارك، ثمَّ عمد إِلَى برمتنا فبسق وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ خَبَّازَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، واقدحى (4) من برمتك وَلَا تنزلوها.
وهم ألف، فأقسم بِاللَّه لاكلوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ (5) كَمَا هِيَ وَإِن عجيننا كَمَا هُوَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِر، عَن أَبى عَاصِم بِهِ نَحوه.
* * *