وَذَكَرَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنِ ابْن إِسْحَاق فِي مَوضِع آخر من السِّيرَةِ قَالَ: خَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ وَهُوَ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَنَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: أَنَا لَهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ.
فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرٌو، اجْلِسْ.
ثُمَّ نَادَى عَمْرٌو: أَلَا رَجُلٌ
يَبْرُزُ؟ فَجَعَلَ يُؤَنِّبُهُمْ وَيَقُولُ: أَيْنَ جَنَّتُكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ دَخَلَهَا؟ أَفَلَا تُبْرِزُونَ إِلَيَّ رَجُلًا؟ فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: اجْلِسْ.
ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ فَقَالَ: وَلَقَد بححت من الندا * ء لجمعهم: هَل من مبارز ووقفت إِذْ جبن المشجع مَوْقِفَ الْقِرْنِ الْمُنَاجِزْ وَلِذَاكَ إِنِّي لَمْ أَزَلْ * مُتَسَرِّعًا قِبَلَ الْهَزَاهِزْ (1) إِنَّ الشَّجَاعَةَ فِي الْفَتَى * وَالْجُودَ مِنْ خَيْرِ الْغَرَائِزِ قَالَ: فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا.
فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرٌو، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ عَمْرًا! فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى إِلَيْهِ حَتَّى أَتَى وَهُوَ يَقُولُ: لَا تَعْجَلَنَّ فَقَدْ أَتَا * كَ مُجِيبُ صَوْتِكَ غَيْرَ عَاجِزْ فِي نِيَّةٍ وَبَصِيرَةٍ * وَالصِّدْقُ مُنْجِي كُلَّ فَائِزْ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُقِي * مَ عَلَيْكَ نَائِحَةَ الْجَنَائِزْ مِنْ ضَرْبَةٍ نَجْلَاءَ يبْقى ذِكْرُهَا عِنْدَ الْهَزَاهِزْ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ابْنُ عَبْدِ مَنَافٍ؟ قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
فَقَالَ: يَابْنَ أخى من أَعْمَامِكَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُهْرِيقَ دَمَكَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَكِنِّي وَاللَّهِ لَا أَكْرَهُ أَنْ أُهْرِيقَ دَمَكَ! فَغَضِبَ فَنزل وسل سَيْفه كَأَنَّهُ