بِعَوْرَةٍ.
فَمَا يَسْتَأْذِنُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَذِنَ لَهُ، وَيَأْذَن لَهُم ويتسللون، وَنحن ثَلَاثمِائَة أَو نَحْو ذَلِكَ، إِذِ اسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى أَتَى عَلَيَّ وَمَا عَلَيَّ جُنَّةٌ
مِنَ الْعَدُوِّ وَلَا مِنَ الْبَرْدِ إِلَّا مِرْطٌ لِامْرَأَتِي مَا يُجَاوِزُ رُكْبَتِي، قَالَ: فَأَتَانِي وَأَنَا جَاثٍ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: حُذَيْفَةُ.
فَقَالَ: حُذَيْفَةُ! فَتَقَاصَرْتُ للارض فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.
كَرَاهِيَةَ أَنْ أقوم.
فَقُمْتُ فَقَالَ: إِنَّهُ كَائِنٌ فِي الْقَوْمِ خَبَرٌ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ.
قَالَ: وَأَنَا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فَزَعًا وَأَشَدِّهِمْ قُرًّا.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ " قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فَزَعًا وَلَا قُرًّا فِي جَوْفِي إِلَّا خَرَجَ مِنْ جَوْفِي فَمَا أَجِدُ فِيهِ شَيْئًا! قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ قَالَ: يَا حُذَيْفَةُ لَا تُحْدِثَنَّ فِي الْقَوْمِ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي.
قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا دَنَوْت من عَسْكَر الْقَوْم نظرت ضَوْءِ نَارٍ لَهُمْ تَوَقَّدُ، وَإِذَا رَجُلٌ أَدْهَمُ ضَخْمٌ يَقُولُ بِيَدَيْهِ عَلَى النَّارِ وَيَمْسَحُ خَاصِرَتَهُ وَيَقُولُ: الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ.
وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَبَا سُفْيَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَانْتَزَعْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي أَبيض الريش فأضعه فِي كَبِدِ قَوْسِي لِأَرْمِيَهُ بِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَذَكَرْتُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُحْدِثَنَّ فِيهِمْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي.
فَأَمْسَكْتُ وَرَدَدْتُ سَهْمِي إِلَى كِنَانَتِي، ثُمَّ إِنِّي شَجَّعْتُ نَفْسِي حَتَّى دَخَلْتُ الْعَسْكَرَ، فَإِذَا أَدْنَى النَّاسِ مِنِّي بَنُو عَامِرٍ يَقُولُونَ: يَا آلَ عَامِرٍ الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ لَا مُقَامَ لَكُمْ.
وَإِذَا الرِّيحُ فِي عَسْكَرِهِمْ مَا تُجَاوِزَ عَسْكَرُهُمْ شِبْرًا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتَ الْحِجَارَةِ فِي رِحَالِهِمْ وفرشهم، الرّيح تضرب بهَا، ثمَّ إنى خَرَجْتُ نَحْوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا انْتَصَفَتْ بِيَ الطَّرِيقُ أَوْ نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِسًا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُعْتَمِّينَ فَقَالُوا: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاهُ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ فِي شَمْلَةٍ يُصَلِّي، فَوَاللَّهِ