وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ وَقَالَ فِيهِ: وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا.
ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ سَرِيَّةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا إِلَى نَاحِيَةِ خَيْبَرَ، فَلَقُوا جَمْعًا مِنَ الْعَرَبِ وَغَنِمُوا نَعَمًا كَثِيرًا، وَكَانَ بَعْثُهُ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ بِإِشَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ وَدَلِيلُهُ حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ دَلِيلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ.
سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ قَالَ يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ قِصَّةِ أَبِي حَدْرَدٍ وَغَزْوَتِهِ إِلَى الْغَابَةِ مَا حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَأَصْدَقْتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي.
فَقَالَ: " كَمْ أَصْدَقْتَ؟ " فَقُلْتُ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ " سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ تأخذونها من وَاد مَا زدتم، وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ " فَلَبِثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ - أَوْ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ - فِي بَطْنٍ عَظِيمٍ مِنْ جُشَمَ حَتَّى نَزَلَ بِقَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسًا عَلَى مُحَارَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَا اسْمٍ وَشَرَفٍ فِي جُشَمَ، قَالَ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: " اخْرُجُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ ".
وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَحَدُنَا، فَوَاللَّهِ مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا حَتَّى دَعَمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ، وَقَالَ: " تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ ".
فَخَرَجْنَا وَمَعَنَا سِلَاحُنَا مِنَ النَّبْلِ وَالسُّيُوفِ، حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ فَكَمَنَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ حَاضِرِ الْقَوْم،