وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: حَدثنِي ربيعَة بن عُثْمَان، عَن الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْتُ مُؤْتَةَ فَلَمَّا دنا منا الْمُشْركُونَ رَأينَا مَالا قِبَلَ لِأَحَدٍ بِهِ مِنَ الْعُدَّةِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَالدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ، فَبَرِقَ بَصَرِي، فَقَالَ لِي ثَابت بن أَرقم: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَأَنَّكَ تَرَى جُمُوعًا كَثِيرَةً؟ قلت: نعم.
قَالَ: إِنَّك لم تشهد بَدْرًا مَعنا، إِنَّا لَمْ نُنْصَرْ بِالْكَثْرَةِ.
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَالَ إين إِسْحَاقَ: ثُمَّ الْتَقَى النَّاسُ فَاقْتَتَلُوا، فَقَاتَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِرَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَاطَ فِي رِمَاحِ الْقَوْمِ، ثمَّ أَخذهَا جَعْفَر فقاتل الْقَوْم حَتَّى قتل، وَكَانَ جَعْفَرٌ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنَ (1) الْمُسْلِمِينَ عَقَرَ فِي الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي وَكَانَ أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ ثُمَّ عَقَرَهَا ثُمَّ
قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قتل وَهُوَ يَقُول: ياحبذا الْجنَّة واقترابها * طيبَة وبارد شَرَابُهَا وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا * كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا (2) * عَلَيَّ إِنْ لَاقَيْتُهَا ضِرَابُهَا * وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَمْ يَذْكُرِ الشِّعْرَ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ جَوَّزَ قَتْلَ الْحَيَوَانِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَدُوُّ، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْأَغْنَامِ إِذَا لَمْ تَتْبَعْ فِي السَّيْرِ وَيُخْشَى من لُحُوق الْعَدو وَانْتِفَاعِهِمْ بِهَا أَنَّهَا تُذْبَحُ وَتُحَرَّقُ لِيُحَالَ (3) بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلَمْ يُنكر على جَعْفَر أحد فَدلَّ على جَوَازه إِلَّا إِذا أَمن أَخذ الْعَدو لَهُ،