ونقتطع مِنْهُ الْقدر كَالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، وَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بِعِيرٍ مِنْهَا فَمَرَّ تَحْتَهَا، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَائِقَ (1) ، فَلَمَّا قَدِّمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لكم، فَهَل مَعكُمْ شئ مِنْ لَحْمِهِ تُطْعِمُونَا؟ " قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ مِنْهُ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ النُّفَيْلِيِّ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ بِهِ.
قُلْتُ: وَمُقْتَضَى أَكْثَرِ هَذِهِ السِّيَاقَاتِ أَنَّ هَذِهِ السَرِيَّةِ كَانَتْ قَبْلَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَة، وَلَكِن أوردناها هَا هُنَا تَبَعًا لِلْحَافِظِ الْبَيْهَقِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَهَا بَعْدَ مُؤْتَةَ وَقَبْلَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ سَرِيَّةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن مُحَمَّد، حَدثنَا هشيم، أَنبأَنَا حُصَيْن بن جُنْدُب، حَدثنَا أَبُو ظَبْيَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَكَفَّ الانصاري وطعنته بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ " قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِيمَا سلف.