قَالَ: ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَعَلَاهُ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرَهُ وَيَدْعُوَهُ.
قَالَ: وَالْأَنْصَارُ تَحت.
قَالَ: يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَقْضِيَ.
قَالَ هَاشِمٌ: فَلَمَّا قَضَى الْوَحْيُ رَفْعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الانصار، أقلم: أما الرجل فَأَدْرَكته رَغْبَة فِي قريته ورأفة بِعَشِيرَتِهِ؟ قَالُوا: قُلْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: " فَمَا اسْمِي إِذًا؟ ! كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ، فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ".
قَالَ: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ " وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ.
زَادَ النَّسَائِيُّ: وَسَلَّامِ ابْن مِسْكِينٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ نَزِيلِ الْبَصْرَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ نَحْوَهُ.
* * * وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي - يَعْنِي بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ - أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ الْمُلَوَّحِ - يَعْنِي اللَّيْثِيَّ - أَرَادَ قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَامَ الْفَتْحِ، فَلَمَّا
دَنَا مِنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَفَضَالَةُ؟ " قَالَ: نَعَمْ فَضَالَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: " مَاذَا كُنْتَ تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ؟ قَالَ: لَا شئ، كُنْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ.
قَالَ: فَضَحِكَ