وَهَذِهِ مُرْسَلَاتٌ وَمُنْقَطِعَاتٌ.
* * * وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي - أَحْسَبُهُ قَالَ - جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا.
فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صبأنا صبأنا، وخَالِد يَأْخُذ بِهِمْ أَسْرًا وَقَتْلًا.
قَالَ: وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرًا، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ يَوْمًا أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ.
قَالَ: فَقَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا صَنِيعَ خَالِدٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ " مَرَّتَيْنِ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ نَحْوَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ قَالَ لَهُمْ جَحْدَمٌ لَمَّا رأى مَا يصنع خَالِدٌ: يَا بَنِي جَذِيمَةَ ضَاعَ الضَّرْبُ، قَدْ كنت حذرتكم مِمَّا وَقَعْتُمْ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - فِيمَا بَلَغَنِي - كَلَامٌ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَمِلْتَ بِأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا ثَأَرْتُ بِأَبِيكَ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَذَبْتَ قَدْ قَتَلْتُ قَاتِلَ أَبِي، وَلَكِنَّكَ ثَأَرْتَ لعمك الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ.
حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمَا شَرٌّ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَهْلًا يَا خَالِدُ دَعْ عَنْكَ أَصْحَابِي، فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ لَكَ أُحُدٌ ذَهَبًا ثُمَّ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا أَدْرَكْتَ غدْوَة رجل من أَصْحَابِي وَلَا روحته ".
* * * (38 - السِّيرَة 3)