قَالَ: فَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْ مَعَهُ أَنِ اسْمَعُوا.
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ.
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
قُلْتُ: وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ بُرْدَتَهُ حِينَ أَنْشَدَهُ الْقَصِيدَةَ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الصَّرْصَرِيُّ فِي بَعْضِ مَدَائِحِهِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْأَثِيرِ فِي الْغَابَةِ، قَالَ: وَهِيَ الْبُرْدَةُ الَّتِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ.
قُلْتُ: وَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ جدا، وَلَكِن لم أر ذَلِك فِي شئ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ بِإِسْنَادٍ أَرْتَضِيهِ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ، لَمَّا قَالَ بَانَتْ سُعَادُ: وَمَنْ سُعَادُ؟ قَالَ: زَوْجَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: لَمْ تَبِنْ.
وَلَكِنْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ.
وَكَأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ تَوَهَّمَ أَنَّ بِإِسْلَامِهِ تَبِينُ امْرَأَتُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْبَيْنُونَةَ الْحِسِّيَّةَ لَا الْحُكْمِيَّةَ.
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: فَلَمَّا قَالَ كَعْبٌ - يَعْنِي فِي قَصِيدَتِهِ - " إِذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ " وَإِنَّمَا يُرِيدُنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لِمَا كَانَ صَاحِبُنَا صَنَعَ بِهِ، وَخَصَّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ بِمِدْحَتِهِ، غَضِبَتْ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يَمْدَحُ الْأَنْصَارَ وَيَذْكُرُ بَلَاءَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْضِعَهُمْ مِنَ الْيُمْنِ:
مَنْ سَرَّهُ كَرَمُ الْحَيَاةِ فَلَا يَزَلْ * فِي مِقْنَبٍ مِنْ صَالِحِي الْأَنْصَارِ (1) وَرِثُوا الْمَكَارِمَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ * إِن الخيارهم بَنُو الْأَخْيَارِ الْمُكْرِهِينَ السَّمْهَرِيَّ بِأَذْرُعٍ * كَسَوَالِفِ الِهِنْدِيِّ غير قصار